استفحلت ظاهرة الدروس الخصوصية بشكل غير مسبوق، وباتت تشكّل حالة مرضية خطرة في مجتمعنا،بعد أن انتشرت كالنار في الهشيم في كافة مراحل التعليم بدءًا من الصف الأول الابتدائي وانتهاء بشهادة التعليم الثانوي،وسط غياب تام من قبل الجهات المعنية عن دراسة أسبابها ونتائجها ومن ثم معالجتها!
وتتمثل مخاطر هذه الظاهرة بأمورعديدة منها إضعاف روح الاعتماد على النفس من قبل التلميذ أو الطالب، والاتكال على الغير، وعدم الإصغاء بإنصات للمعلمين الحريصين في الصف(على قلة عددهم) وعدم التفاعل معهم كون الأغلبية يعتمدون على أخذ الدروس الخصوصية في منازلهم أو منازل المعلمين أو في المعاهد الخاصة المنتشرة في كل مكان تحت أسماء مختلفة دون رقيب أو حسيب، كما تتمثل بتراجع عطاء معظم المعلمين في الصف بسبب استهتار الطلاب أو هروبهم من صفوفهم -وخاصة صفوف الشهادات- أولاً، وبسبب اعتمادهم في العطاء على دروسهم الخصوصية المرتفعة الثمن لنفس طلابهم أو غيرهم ثانياً
وإضافة لتهديد هذه الظاهرة جودة التعليم والتدريس في مدارس الدولة المجانية، فقد أصبحت تستنزف موارد العائلات، وتشكل عبئاً مالياً كبيراً عليها كونها تضطر لدفع مبالغ طائلة للمدرسين الخصوصيين(يصل الدخل الشهري لبعض المدرسين إلى أربعة ملايين ليرة) خوفاً على أبنائها من انخفاض علاماتهم وسعياً لتفوقهم ودخولهم الكليات الطبية.
والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما تقدم وغيره: لماذا لا تبادر الجهات المعنية (وزارة تربية-مديريات تربية-مجالس محلية-اتحاد الشبيبة -جمعيات وفعاليات أهلية وإعلامية..الخ)اليوم وقبل الغد إلى دراسة وتحديد الأسباب التي أدت وتؤدي لتفشي هذه الظاهرة غير المقبولة، من خلال ورشات عمل تقام في كل المحافظات، ومن ثم إلى وضع الخطط والبرامج الكفيلة بمعالجة هذه الأسباب من قبل الجهات المعنية كل فيما يخصها وصولاً للقضاء عليها أو التخفيف منها إلى الحد الأقصى حتى لايبقى هذا(السرطان)ينهش في جسد التعليم وفي الأسرة والمجتمع على حدٍ سواء؟
ننتظر الجواب العملي من أصحاب القرار ونقول إن استمرار غض الطرف من قبل وزارة التربية ومؤسساتها عن هذه الظاهرة والمسؤولين عنها -رغم وجود تشريع وتعليمات بخصوصها وبخصوص معاهد اللغات- يجعل القائمين عليها في قفص الاتهام من حيث شراكتهم في ارتكاب الأخطاء والخطايا التي كانت وراء استفحالها وتداعياتها السيئة على التعليم العام والمجتمع ..وللحديث بقية.
على الملأ – هيثم يحيى محمد