الثورة أون لاين:
مع تفاقم تداعيات ظاهرة التغير المناخي من فيضانات عارمة وحرائق غابات ومواسم جفاف ووسط احتجاجات كبيرة ضاغطة لاتخاذ تدابير صارمة لحماية الأرض تتجه الأنظار نحو قمة الأمم المتحدة المرتقبة للمناخ “كوب 26” التي تنطلق الأسبوع المقبل في مدينة غلاسكو الاسكتلندية في وقت أعربت فيه العديد من الدول عن احتلال قضايا المناخ الأولوية في أجنداتها السياسية.
القمة التي تحمل وفق وسائل الإعلام الغربية “برنامجاً طموحاً” لمحاربة ظاهرة التغير المناخي تضع قادة البلدان المسببة للتلوث أمام تحد كبير ممنوع فيه الفشل في ظل ما يشهده الكوكب من كوارث ولاسيما أن هؤلاء القادة هم الذين تعهدوا بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الجاري.
ويرى المراقبون أن قمة غلاسكو ستكون الحدث المناخي الأكثر أهمية منذ قمة باريس عام 2015 في وقت ترسم بيانات علماء المناخ صورة قاتمة عن الوضع حيث حذر تقرير نشرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في شهر آب الماضي من أن درجة حرارة الأرض ارتفعت بالفعل بمقدار “07ر1” درجة مئوية منذ الثورة الصناعية ما سيرتب تداعيات كبيرة وهائلة على المناخ.
ووفقاً لتقرير الهيئة فإن من تداعيات ظاهرة التغير المناخي ارتفاع مستويات مياه البحر بحوالي 20 سنتيمتراً منذ عام 1901 ورغم أن هذا الرقم يبدو ضئيلاً فإنه يعرض مئات الآلاف من الأشخاص كل عام للتشريد بسبب الفيضانات في المناطق المنخفضة مثل بنغلاديش على سبيل المثال إضافة إلى زيادة معدل هطول الأمطار الغزيرة بنسبة 30 بالمئة ببعض المناطق أكثر من المعتاد.
ولا تتوقف تداعيات ظاهرة التغير المناخي على الفيضانات بل تشمل أيضاً زيادة فترات الجفاف إذ قد يصل متوسط مدة الجفاف على مستوى العالم إلى شهرين في حالة وصول ارتفاع الاحترار العالمي إلى 5ر1 درجة مئوية وإلى أربعة أشهر في حالة ارتفاع الاحترار بمعدل درجتين أما إذا تجاوز الأمر ثلاث درجات مئوية فقد تصل فترة الجفاف إلى عشرة أشهر إضافة إلى ارتفاع مخاطر حرائق الغابات.
تلك المخاوف عبر عنها بشكل صريح قبل أسبوع رئيس مؤتمر الأطراف للمناخ ألوك شارما الذي رأى أن التوصل إلى اتفاق عالمي بنهاية قمة المناخ سيكون أكثر صعوبة من مؤتمر باريس عام 2015 موضحاً أن جعل نحو 200 بلد يلتزم بأهداف الانبعاثات لحصر ارتفاع درجات الحرارة العالمية بأقل من 5ر1 درجة مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية هو “مهمة شاقة”.
صحيفة الاندبندنت البريطانية رأت في تقرير لها أن هناك أدلة عديدة تشير إلى احتمال فشل قمة غلاسكو للمناخ بشكل يؤدي إلى انهيار محادثات المناخ بالكامل والرجوع إلى نقطة الصفر بسبب تغليب قادة الدول المعنية مصالحها الاقتصادية على موضوع التغيير المناخي ولاسيما “متطرفو المناخ” في حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وتزامناً مع قمة غلاسكو تتحضر العاصمة الإيطالية لاستضافة قمة مجموعة العشرين التي ينتظر أن تلقي قضية المناخ بظلالها عليها وتجسد ذلك في تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس خلال مؤتمر صحفي من روما عشية انعقاد القمة من أن “العالم يسارع بتهور نحو كارثة مناخية” داعياً زعماء مجموعة العشرين “لبذل المزيد لمساعدة الدول الفقيرة” ومعرباً عن أمله بأن تساعد هذه القمة في التغلب على الخطر المحدق بالعالم.
رئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي اعتبر بدوره أن انعقاد قمة العشرين يشكل عودة إلى العمل متعدد الأطراف بعد سنوات قاتمة من الانعزالية والعزلة المرتبطة بالأزمة الصحية جراء انتشار فيروس كورونا داعياً مجموعة العشرين إلى ضرورة الحد من ارتفاع حرارة الأرض وذلك باعتبار أن دول المجموعة تمثل 80 بالمئة من انبعاثات العالم.
وحسب مسودة بيان لاجتماع قادة دول مجموعة العشرين في روما أوردتها وكالة رويترز فإن القادة تعهدوا باتخاذ خطوات عاجلة للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض في نطاق 5ر1 درجة مئوية لمواجهة التحدي الوجودي لتغير المناخ وذلك في وقت تتأهب فيه شعوب دولهم في أنحاء العالم للتعبير عن شعورها بالإحباط إزاء سياساتهم.
ولعل من أبرز التحديات الأخرى التي تتصدر أعمال قمة روما مسألة المساواة الصحية والتعافي من الوباء والمرحلة التي تعقبها في وقت ترى فيه أوساط دولية أن هناك فرصة لإحداث نقلة نوعية من تسخير الصحة لأغراض الاقتصاد إلى تسخير الاقتصاد لأغراض الصحة للجميع.