الثورة أون لاين – علم عبد اللطيف:
يرى بعض الدارسين أن كتاب كليلة ودمنة.. من وضع ابن المقفع بالكامل..
كُتب على الغلاف.. نقله من الفهلوية إلى العربية عبد الله بن المقفع.
النقل ليس ترجمة.. هو كالتعريب.. الذي عرفناه مؤخراً لدى المنفلوطي وغيره..
ثم.. الفهلوية.. هي أحد أقسام الفارسية..
لا بأس.. لكن أحداً لم يذكر فيلسوفاً هندياً اسمه بيدبا غير ابن المقفع.. ولم يرد في تاريخ الهند ملك اسمه دبشليم. إضافة إلى أن فضاء الحكايات ومناخها لا يمكن قبول انتمائها إلى زمن ما قبل الاسكندر المقدوني كما تذكر موسوعة ويكيبيديا..
وهناك أمر آخر مهم.. هو أن هذا الكتاب لم يذكر بتاتاً في بلاد فارس.. فإذا كان موجوداً بالفعل لماذا لم يتناوله أحد حتى بالذكر.
اسما.. كليلة ودمنة.. ابنا آوى.. بطلا باب الأسد والثور في الكتاب بالتأكيد ليسا من الهندية أو الفارسية.. فاسم كليلة اسم دال على شخصية ضعيفة.. مصدره الكلال.. كان يعيب على أخيه دمنة فعل الشر.. ودمنة بالعربية.. هي المزبلة… وتناسب شخصية دمنة التي قدمها ابن المقفع..
إذن يمكن استقراء الاسمين كقرينة ا
إضافية تحيل إلى عربية النص بالأصل..
ثم.. طريقة الكتابة ونسبتها إلى آخرين كانت متبعة عند الكتاب والمؤرخين.. فقد نسَب أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني.. قصصاً كثيرة وأورد أشعاراً على لسان البعض.. وهي في الحقيقة من وضعه.. كحادثة قتل بشر بن عوان الأسدي للأسد.. والقصيدة الرائعة التي أنشدها في الحادثة.. ولا ندري من كان حاضراً من الرواة فحفظها ونقلها.. إضافة لتضمنها أفكاراً أكبر من شخص غير معروف في التاريخ الأدبي..
تعليل ذلك هو التقية.. نعم.. الخوف من الحكام.
لكن ذلك لم ينفع ابن المقفع فقتلوه تقطيعاً.. وذلك دليل إضافي لإدراك الحكام وقتها أن الكتاب من وضعه.. إذ لو كان نقلاً أو ترجمة.. لأمكن أن يعزى المغزى إلى مكان وزمان مختلف.. خصوصاً أن ابن المقفع فارسي الأصل.. والفرس هم من رسخ دولة بني العباس.. فهل يقبل هؤلاء ممن كانوا سندهم أن يخرجوا عليهم ولو بالفكر والكلمة.. بعد مدة قليلة من قيام دولتهم.
أخيراً… وعلى سبيل الطرافة وإن كانت تحمل بعض الجدية.. لو كان بيدبا الفيلسوف قد وجه كل تلك النصائح والتوجيهات والانتقادات للحكام.. للملك دبشليم.. لكان قام بتقطيعه قبل أن يسمع به ابن المقفع.. ولكان صاحبنا نجا ربما من سطوة المنصور إن لم يكن مطلوباً بجناية أخرى.