الثورة أون لاين – عمار نعمة :
كان رحيله فاجعة كبيرة للوسط الفني ولمحبيه, فزهير رمضان قامة فنية وثقافية حفرت عميقاً في وجدان السوريين والعرب, وأدخلت الابتسامة والفرح لبيوتهم فهم عاشوا معه لحظات جميلة ستبقى راسخة في الذاكرة لسنين طويلة.
لم يكن رمضان ممثلاً موهوبا فحسب، بل كان فناناً استثنائيا بتجسيده للعديد من الشخصيات المركبة التي ربما لايجرؤ أي فنان على تجسيدها, فشخصية (أبو جودت) مثلاً في مسلسل باب الحارة لعدة سنوات كانت نقطة مضيئة من حياة المسلسل, وكذلك شخصية (المختار) المتميزة في مسلسل ضيعة ضايعة، فهو بشكل أو بآخر استطاع ملامسة أرواحنا وقلوبنا سواء بأدواره الكوميدية أو التراجيدية أو حتى البيئة الشامية.
من اقترب بالراحل وخَبِر مواقفه يدرك أن حياته كأعماله، كلها عطاء ونبل وحب وإنسانية عالية… حتى لحظة وفاته، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات المحبين وصور الراحل وبعض الفيديوهات المؤثرة من مسيرة أعماله الفنية التي تركت أثرها وبصمتها في وجدان المشاهد.
لم يكن رمضان ممن يحتكرون المنصَّات ويخافون من المنافسة، لا بل على العكس فتح المساحات للمزيد من الأصوات المبدعة التي تستحق الانطلاق, فكان داعماً لها سواء في النقابة أو غيرها … لأن الإبداع عند رمضان ليس رفاهية أو شهرة, وإنما استكمال لمشهد صنعه الفنانون السوريون عبر سنين طويلة من التعب والجهد والمثابرة فكانت الدراما السورية بحق الأولى عربياً في كثير من السنوات.
ذات يوم وخلال حوار لنا مع الفنان زهير رمضان سألته هل أنت مطمئن لأعمال الدراما السورية ؟ فقال: لا شك أن الدراما السورية يوماً بعد يوم يتعزز حضورها بشكل كبير, وأن ما يميز شاشتنا أنها تجمعنا فهي شاشة العائلة وعبر السنوات الطويلة اكتسبت القناة السورية الرصانة والاتزان، لكن بما أننا نحاكي الآخر علينا ألا نتسابق في سبيل الموضة والملابس الخليعة وإنما نتسابق في المواضيع التي تهم شارعنا ومواطننا.
هكذا كان رمضان مثقفاً محباً ودوداً وفياً لشاشة عريقة خرّجت عمالقة ومبدعين لانزال نعيش على أمجادهم وعطائهم اللامحدود , وظل مصراً على مواقفه حتى اللحظات الأخيرة من حياته, فكان الشخصية التي أثارت الجدل والإشكالية عند البعض ليثبت في النهاية أن الإبداع الحقيقي هو الذي يكون محصناً بالفكر النيّر والأخلاق والجمال والسمو .
رحل صاحب المواقف الوطنية والإنسانية عن عمر يناهز 62 عاماً وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية وعضو نقابة الفنانين منذ عام 1983، رحل من اجتمع الجميع على حب هذا الفنان المهذب والخلوق والراقي بشخصيته وبأعماله وبثقافته الواسعة .
رحيله موجع، ولا يمكن لحبرنا أن يعبر عمّا قدمه, فهو الذي أغنى قلوبنا بالإبداع منذ بداياته فكيف لنا أن ننسى شخصيته اللافتة في فيلم ليالي بن آوى ورسائل شفهية ومسلسل شجرة النانرج وغيرها الكثير الكثير .
وداعاً أبا زكوان فأنت مرآتنا لزمن جميل بتنا نفتقده في أيامنا هذه, وداعاً يا من تركت خلفك من المآثر والإبداع مايكفي ليبقى في قلوبنا لسنين وأيام.