يبدو أن حلف شمال الأطلسي “الناتو” لم يغيّر نهجه العدواني الاستفزازي الذي سار عليه منذ خمسينات القرن الماضي فيما يخص روسيا بالرغم من كلّ التطورات التي طرأت على العالم في السنوات الأخيرة، إذ ما زال مستمراً بالتحرش بأمن واستقرار روسيا مستعيداً ذكريات الحرب الباردة التي يريد العالم أن ينسى فصولها الكارثية التي نجم عنها الكثير من الويلات والحروب في العديد من مناطق العالم.
فبعد خطوة تخفيض العلاقات الدبلوماسية مع روسيا إلى أدنى مستوياتها، والقيام بتحركات عسكرية استفزازية في البحر الأسود، ثمة أنشطة عسكرية مريبة للناتو تتضمن إدخال أسلحة متطوّرة إلى أوكرانيا التي تشهد صراعاً مسلحاً بالقرب من الحدود الروسية، الأمر الذي دفع الرئاسة الروسية للتحذير من هذه الأنشطة وإيقافها لما تمثّله من تصعيد خطير للعلاقات بين الطرفين.
الكرملين اعتبر أن تخفيف التوتر بين الطرفين ممكن في حال توقف الحلف الأطلسي عن تطوير بنيته السياسية والعسكرية بالقرب من الحدود الروسية في إشارة إلى الصراع الدائر في دونباس شرق أوكرانيا، محذراً من صبّ الزيت على نار الصراع، وهي رسالة تؤكد أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما استمر الحلف بتهديد أمنها واستقرارها.
التدخل الأطلسي المتزايد في أوكرانيا والبحر الأسود وعلى الحدود الروسية عموماً يظهر امتعاض الحلف من التوازن الدولي الناجم عن الحضور الروسي الفاعل والمؤثر في العديد من الملفّات العالمية، ورغبته في محاصرتها والضغط عليها كي تنكفئ فاسحة المجال أمام تغوّل الحلف وسعيه لهندسة العالم وفق الأجندة الشريرة لواشنطن.
ما يجري في أوكرانيا يكشف انقياد المكون الأوروبي في الناتو للسياسة الأميركية وعدم إدراكه لخطورة الموقف وتداعياته المحتملة، فأي صراع يمكن أن يندلع بين روسيا والحلف ستدفع ثمنه أوروبا باعتبارها الجار الأقرب، وهذا ما يفرض حداً أدنى من الاستقلالية الأوروبية عن واشنطن كي لا تتطور الأمور إلى ما لا يمكن توقعّه أو احتماله..!
البقعة الساخنة -عبد الحليم سعود