الملحق الثقافي:شهناز صبحي فاكوش:
التقى بوش الابن بعد غزوه العراق سنة 2003 متجاوزاً الشرعية الدولية، الطلبة في بعض الجامعات الأميركية، في العام 2004.. رسالته كانت ضد الإسلام والمسلمين، أقرَّ في حديثه، أن قيم العرب والمسلمين، التسامح والمودة، وإفشاء السلام والتكافل ونبذ العنف، يمكنها أن تؤثر في المجتمع الأميركي، لذلك لابدّ من تحلّل المجتمع المسلم، وتفكيك مقوماته.
لا بدّ من زرع الحقد وإيقاظ الفتن وتشويه سمعة الإسلام والمسلمين.. وصولاً لتشرذمهم وإفشاء قلّة الوفاء بينهم، عندها تسهل السيطرة على أقطار الوطن العربي حتى تكره شعوبها «حسب قوله» بعضها البعض. وتنسى أنها تنحدر من أصلٍ واحدٍ، وبنيةٍ واحدة..
حقيقة تلك هي مقتضيات الحرب الناعمة، التي يستخدمها الاستعمار الحديث لإفناء الشعوب، وأهم ما تهدف إليه، تدمير الذاكرة الجمعية لمحو التاريخ، وسهولة تضييع معالم الجغرافيا.. إنها نبوءة «هيرتزل» صانع الصهيونية الأمهر.. في الحقيقة هي خطة جهنمية لتدمير ذاكرة العرب والمسلمين، ومن يهتمُّ إيجاباً بتاريخهم، عندها يسهل تحطيم ثقافتهم.. وتراثهم..
كم من المناسبات المختلفة دُسّت في مجتمعاتنا.. وكم من المصطلحات العبثية طبعت على ثياب أبنائنا.. لم يتنبه لها الشباب ولا الأهل.. الهالويين عيدٌ ما كان في تراثنا لا الديني ولا الاجتماعي.. يُذبح فيه كلب ويمرّغ بدمه ثياب الشباب وأجسادهم، ويشعلون النار مترنّحين على أنغام موسيقا صاخبة، حتى يرتمي البعض منهم فاقداً الوعي..
تربّصت إحدى السيدات وزوجها لابنهما حين ارتدى زياً لم يعجبها منظره، ورصدت الشاب لترى كلّ المعالم الهالويينية القميئة، استلّت ابنها من بين مجموعته وأبلغت المدرسة لتي أبلغت بدورها أولياء الأمور.. تلك ليست نبوءة، بل خطة لتدمير أخلاق شبابنا، ونشر ظاهرة الذبح والقتل والدماء.. عيدٌ هجين تهيئة لمشاهد الإرهاب التي عشقت أزقتنا ورقاب شبابنا الأبرياء.
يقول البعض، لديكم عيد البربارة تشعلون به النار..هي (الأبيلة) مُذ كنا صغاراً في حارتنا الدمشقية المغلقة، مع جيراننا المسيحيين المؤمنين، كنا نشعل (الأبيلة) لإحياء ذكرى القديسة بربارة التي تخفّت من مطارديها في حقول القمح والذرة، هاربةً بإيمانها المسيحي الصرف..
عملت (نبوءات هرتزل بل خططه) لتضييع جمال محتوى ثقافتنا، الأقرب فالأبعد.. قلم ممدوح عدوان، حكايا حنا مينة، تعانق بعضها روحانياً، ميخائيل نعيمة وطرافة فلسفته، جبران ورهافة حسه الشعري، قديسي صيدنايا ومعلولا.. معالم تل براك ويوحنا المعمدان، وأضرحة صحابة النبي، المكتبة الظاهرية والبيت الجمقمقي.. تراثنا الرائع يحاولون محوه بنبوءاتهم.. كتلك الإيحاءات الإلهية التي تذرّع بها «بوش» لضرب العراق.. شتان بين.. وبين..
كلّ ما يفعلونه يريدون منه محو تاريخنا وتراثنا.. هم يدسّون ألواحاً عبرية في تراب مصر والأردن. لينبشوها بعد فترة على أنها جزء من تراثهم، لأحقّية تدنيسهم تراب وطننا العربي المشرقي، كما فعلوا في المغرب العربي.. همهم تقطيع أوصال الأمة واستنزاف شرايينها وطمس معالم ذاكرتها.. فلنتنبه لما يحدث، ونتنبه قبل لات ندم..
التاريخ: الثلاثاء23-11-2021
رقم العدد :1073