الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
يشهد الشرق الأوسط أو غرب آسيا نشاطاً دبلوماسياً متزايداً في الأشهر الأخيرة مع القادة الإقليميين الذين كانوا يتشاجرون فيما بينهم منذ وقت ليس ببعيد، وانخرطوا في مختلف المستويات والمنتديات.
فقد دفنت المملكة العربية السعودية وقطر الخلاف الذي دام أربع سنوات، بينما تتشارك تركيا والإمارات العربية المتحدة في محادثات، واعترفت إيران والسعودية بإجراء مفاوضات بين مسؤوليهما، كما أشارت مصر وتركيا أيضاً إلى استعدادهما لإجراء محادثات، بينما هناك نقاش أوسع حول إعادة عضوية سورية في جامعة الدول العربية.
بالنسبة إلى مراقبي الشرق الأوسط المتحمسين، فإن هذه التطورات مرضية ومحيرة، لأنها يمكن أن تبشر بالخير للأمن والاستقرار الإقليميين، ولكن لا يبدو أن هناك دفعا واضحا للتغيير في المسار، وهنا يطرح السؤال حول المدة التي يمكن أن يستمر فيها ذلك، لاسيما عندما تظل العوامل المسببة كما هي، بما في ذلك التنافس الإقليمي على السلطة والشكوك الأيديولوجية وتصورات التهديدات المتبادلة.
فعلى سبيل المثال، لا توجد مؤشرات على تخلي إيران عن حقوقها النووية، أو استعداد تركيا لتقليل نشاطها الإقليمي. وبالمثل، تواصل بعض الدول في المنطقة مواجهة ما تسميه التهديدات الأمنية من القوى المتنافسة الأخرى.
ما الذي يفسر إذاً التغير بين قادة المنطقة؟ هل هذه التحركات التكتيكية هي مؤشر على تغيير في السيناريو الجيوسياسي الإقليمي؟.
هذه كلها أسئلة معقدة بدون إجابات مباشرة، ويمكن أن تكون هناك عدة عوامل تجبر القادة الإقليميين على استكشاف المسار الدبلوماسي.
أولاً وقبل كل شيء هو السيناريو الاقتصادي لما بعد COVID-19 فقد شهد العالم انخفاضاً حاداً في الأنشطة الاقتصادية خلال عامي 2020 و 2021 وقد تأثر الشرق الأوسط بشكل خطير، ووفقاً للبنك الدولي، فقد تقلصت اقتصادات المنطقة بنسبة 3.8 في المائة في عام 2020 ومن المتوقع أن تنمو بنسبة 2.8 في المائة في عام 2021 و 4.2 في المائة في عام 2022ومع ذلك، فإن التحديات المتعلقة بالتعافي الاقتصادي بعد كوفيد -19 لا تزال “هشة وغير متساوية” مع التوقعات لاقتصاد غالبية البلدان بمسار تعافي بطيء ومؤلم.
ثانياً، يمكن ربط التغيير بالإدارة الجديدة في واشنطن، حيث يلعب النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط دوراً مهماً في تحديد أولويات السياسة الخارجية لدول المنطقة.
على سبيل المثال، في ظل إدارة ترامب، شهد العالم توترات متصاعدة في الخليج العربي مع مخاوف من حين لآخر من مواجهة مباشرة بين طهران وواشنطن وحلفائها الإقليميين.
ثالثاً، هناك مجموعة من الاعتبارات المحلية والجيوسياسية التي تجبر القادة الإقليميين على اتباع طريق دبلوماسي وإشراك بعضهم البعض، ليس بالضرورة بهدف حل الخلافات، ولكن بالتأكيد لإدارتها بشكل أفضل.
السؤال الآن هل يوفر الزخم الجديد في الدبلوماسية الإقليمية فرصة للهند؟ فقد أعادت نيودلهي في ظل رئيس الوزراء ناريندرا مودي، توجيه سياستها في الشرق الأوسط بشكل كبير من خلال مشاركات ثنائية نشطة تركز على زيادة أنشطة التجارة والأعمال والاستثمار وتعزيز الشراكات العسكرية والدفاعية.
كما ساعدت المشاركة المتزايدة الدبلوماسية الهندية على أن تصبح أكثر ثقة في التعامل مع القضايا الإقليمية، حيث تمكنت نيودلهي من التعامل مع المطالب المتضاربة وذلك حسب ما تتطلبه مصالحها، وقد أشارت مراراً وتكراراً إلى أنها لن تخشى الانخراط في مبادرات إقليمية أو متعددة الأطراف إذا كان ذلك يخدم مصالحها.
تبشر التطورات الإقليمية الجديدة بالخير بالنسبة للهند من حيث مصالحها في الأمن والاستقرار الإقليميين، ولكن الأهم من ذلك أنها توفر فرصة لنيودلهي لتعزيز ارتباطاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع دول المنطقة، يجب أن تشكل التجارة والأعمال والاستثمارات جوهر المشاركات الهندية دون الحاجة بالضرورة إلى اتخاذ موقف مباشر بشأن القضايا المتضاربة.
فهناك فرص اقتصادية هائلة توفرها المنطقة، لاسيما في القطاعات غير التقليدية مثل الرعاية الصحية والسياحة والتعليم والرياضة والترفيه، ويمكن للدبلوماسية أن تمهد الطريق للصناعات الهندية والشركات الناشئة للشراكة مع الشركات الإقليمية.
لا شك أن الأهداف الرئيسية للمبادرات الدبلوماسية الجديدة في الشرق الأوسط هي الحد من التوترات الإقليمية وإعطاء زخم للأنشطة الاقتصادية البينية للتغلب على التحديات التي يفرضها فيروس كورونا، وهذا بالتأكيد يوفر نافذة لأحدث وأكبر الفرص المتاحة للهند ومجتمع الأعمال فيها.
المصدر: Eurasia Review