الفلسفة.. هل تحلّ مشاكل العقل..؟

 

الملحق الثقافي:خلود حكمت شحادة:

في اليوم العالمي للفلسفة، والذي يصادف مروره في الثامن عشر من شهر تشرين الثاني من كلّ عام أقيمت ندوة حوارية على مدرج مكتبة الأسد ضمت فعاليات متنوعة كان للأستاذ الدكتور عماد فوزي الشعيبي الدور المهم في توضيح مشاكل العقل من مغالطات وانحيازات بطريقة سلسة ومعلومات قيمة.
بداية تحدث عن نظرة الناس للفلسفة من خلال عبارة افتتح فيها كلامه (إن أرادوا شتمك قالوا لك بأنك تتفلسف) وكانت مدخلاً ممتعاً لجذب الحاضرين لمتابعة بحث العقل ومشكلاته، حيث أوضح الشعيبي أن العقل يتكون من جزأين الأنثوي والذكوري موضحاً أننا كبشر نبالغ في استخدام المجردات، وواقع الحال أن استخدام الفلسفة منوط باستخدام الجزء المنطقي من المخ البشري وهو الجزء الذكري، بينما يتألف العقل من جزء آخر وهو الأهم وذكر أنه ما يسمى الجزء الأنثوي كونه المسؤول عن الحدس والشعور وهو الذي يعلمنا أداء التفكير، ويناول النصف الذكري أو المنطقي الأدوات، ولهذا نبالغ في استخدام الجزء المنطقي مبالغة شديدة وننسى أن هناك تفكيراً انبثاقياً ينطلق من المقدمات إلى النتائج مباشرة دون المرور في السيرورة، وهذا هو عقل الأنثى.
وتابع الشعيبي قائلاً: لم تشكل الفلسفة الأساسية عاملاً من عوامل الاهتمام لدى الأكثرية من البشر والتي تتجاوز وفقاً لمنحني داوس 85% من البشر فلا قيمة كبيرة لأسئلة الأنطولوجيا طالما أن إجابات ذهنية تكفي في هذا المجال لهذه النسبة أو ما يزيد عنها، وسؤال الحق والخير والجمال لا يشكل أولوية للأكثرية الساحقة من البشر حتى كأننا أمام مفارقة هائلة وهي أن مسائل العقل نخبوية بامتياز ومشاكلها بنيوية تأتي بالخلقة، وأن ثمة علماً للعامة وعلماً للخاصة وعلماً لخاصة الخاصة، ولكن التجربة الفلسفية تجاوزت هذا التقسيم لتقدم علم خاصة الخاصة للناس على شكل ثورات بالطريقة الأمثل لاستخدام العقل وعدم الغوص في تفاصيل تاريخ التفكير الفلسفي كما نفعل في مدارسنا وجامعاتنا لأنه غدا محض ماضٍ، وهذا ما نحتاج إليه في مناهجنا التعليمية.
ويتابع حديثه عن العقل قائلاً: طالما تغنى البشر بالعقل باعتباره تمييزاً للبشر عن الحيوانات، ولم يدرك الذين أقاموا هذه المقارنة أنها تحط من قيمة الإنسان لأن المقارنة مع الأقل في التصنيف الوجودي لاترفع قدراً والمقارنة الأمثل تكون مع الأعلى إن وجد حيثياً أو مع الأمثل الذي يحدده.

التفكير

وذكر الشعيبي أنه إذا ما تم النظر إلى العقل من زاوية نقدية، وليس تعظيمية نراه في مشكلة كبيرة فهو مجهز في تكوينه البنيوي لكي يخطئ، ولأن يضل صواب طريقه، فضلاً عن سويات الذكاء المختلفة بين الأفراد والاختلاف في مقاربة المعارف بين الجنسين، فهناك فروقات تتصل بطبائع التفكير ومختلفة بين الجنسين وعلى مستوى الجنس الواحد في أداء التفكير وفي كثير من الأحيان تظلم الأنثى في أداء التفكير مع أن قدرات الحدس لديها تتفوق على قدرات المنطقي لذلك فإن كل عقل مستعد لأن يعاني (إن عرف أنه كذلك).

المغالطات والانحيازات المعرفية

عرّف الشعيبي المغالطة بأنها القياس الفاسد والاستدلال الخاطئ الذي يقع فيه المرء دون قصد أو بقصد أو بإهمال أو يجهل أو بقصد المنفعة فيضلل المرء نفسه أو غيره وهذا ما يشترك فيه كل البشر بدرجات.
بعض المغالطات الاحتكام إلى السلطة، والسلطة تعني التفويض، والمغالطة هنا تتصل بالاحتكام لكلام وأقوال صاحب السلطة أو المفوض بها وعلينا أن نصمت أمامها.
مغالطة الاحتكام إلى القوة، وهي تنشأ من اللجوء إلى التهديد والوعيد لإثبات ادعاء قد يكون صحيحاً أو لا وهي تعتمد على مغالطة أن القوة تصنع الحق وينضوي تحت هذه المغالطة الكثير من السلوك الخاطئ.
مغالطة الاحتكام إلى الشفقة: وتعني التوسل بالشفقة أو استدرار العاطفة، وهي مغالطة منطقية بمعنى استخدام الاستدلال والتفكير غير الصحيح والخطأ في التفسير لنبني عليها نتيجة لا علاقة لها بالواقع، وهي دلالة خطأ في التفكير والتفسير.
مغالطة الاحتكام إلى الظن، حيث يميل الناس إلى تصديق ما في نفوسهم لهذا يطبقون إلى البحث عما يؤكد ظنونهم لذلك فهم يفتقرون إلى العناصر العلمية الدقيقة فهم يحبون إثبات ذاتهم من خلال التأكيد على ما يروون وكثيراً ما تتحقق الأنا من خلال الحدث ليقول الشخص طالما كنت أقول هذا! ويتابع الشعيبي: إن جزءاً من الاحتكام إلى الظن هو ركون إلى المعرفة التي اعتادها المرء ويظن أنها نهائية وتحجبه عن التعلم.
مغالطة الاحتكام إلى الجهل وأوضحها الشعيبي بمثال كأن يقول لك أحدهم إن عدد شعر رأس فلان هو كذا ولا تمتلك أنت ما يثبت العكس أو ينقلون لك كلاماً عن رسول أو دين وأنت لا تعلم صحة ما يقولون فيستغلون جهلك كونك لاتملك مايدحض تلك المقولات التي تنقلب فيما بعد إلى حقائق، وهذا مانراه فعلياً في الأزمات ويؤسس للتطرف بناءً على معلومات لا يملك الطرف الآخر شكلها النهائي أو الصحيح.
مغالطة ادعاء المعرفة وتعني تغليب الرغبات على المعطى وتغليب نزعة الهروب إلى الأمام على التعامل مع الواقع كما هو موجود وتكثر في الأزمات حيث يستطيع الكل أن يشكل وزارة أو يصف دواء أو يحلل اقتصادياً بادعائه معرفة ما.
مغالطات علم التاريخ وينوه هنا الشعيبي إلى أن المراجع التي تسرد وقائع التاريخ يصعب تأكيد صدقيتها لانعدام الموضوعية في كتابتها حيث يتعذر التأكد من صحة التاريخ المكتوب.
مغالطة الفكر السائد أو العقل المكوّن
يوجد نوعان من العقل، وهما عقل مكوِّن ينشأ منذ الولادة، والعقل المكوَّن وهو يأتي من المحيط ومع ما نتعلم ونميل إلى تأكيد العقل المكوِّن ونعتبر ما تعلمناه من المسلمات، وهذا غير صحيح لأن هذا العقل لم يخضع لدورات آلية لإنتاجه حيث كنا مجرد متلقين نردد ما يقال لنا، وهذا عقل خطير لايستطيع المرء إزاءه إلا أن يقف موقفاً نقدياً.
مغالطة ربط الفكرة بالظروف الشخصية بدل التعامل مع الفكرة كما هي حيث يتم ربطها بالأشخاص وبظروفهم الخاصة وهذا لايعني عدم التعامل مع الأفكار بشكل مستقل.
مغالطة تعزيز الخطأ يحدث أن نخطئ ويتراكم فوق الخطأ أخطاء، وتأتي ظروف من خارج السياق وينجح عمل ما فنقول حينها إنها نهايات صحيحة دون أخطاء فنكون بذلك عززنا الخطأ معتمدين على النتيجة.
مغالطة الثنائيات يقول الشعيبي في الثنائيات قتل الوجود وإن العقل الإنساني يقع في مغالطة كبيرة عندما يتم تخييره بين أمرين كأن يعيش وفق نمط معين أو يموت أو مثال آخر للتوضيح أن تكون معنا أم ضدنا، وهنا نستخدم جزءاً واحداً من العقل أي رد التنوع إلى الواحد، وهو خطير لأنه منحاز إلى الخيار الأول فقط فهو يجبر على خيارات وثنائيات وهمية وهي من صنع العقل الذكري بينما الأنثوي ليس فيه (إما -أو) فيه كليهما فالعقل الأنثوي يمكنه جمع الكثير في آن معاً فالحكمة أنثى والمنطق ذكر.
مغالطات كثيرة يحتاج سردها لوقت طويل تم عرض البعض منها مع أمثلة ومداخلات وإيضاحات ونذكر منها ما يمكن تسميته انحيازاً معرفياً وهي مغالطة السلفية الكامنة في اللاوعي ويقصد بذلك الميل إلى العلاقة مع الماضي الذي يعيشه الشخص بفرط الحنين إلى الماضي الذي لم يعشه ويعتمد على ما سمعه ما يضفي قداسة على نصوص غير موثقة ولم يعشها ويعتقد أن الحياة كانت هانئة والبشر خيرين، وهذا يولد العقل السلفي الذي لايعيش الحاضر والمستقبل، وإنما يفكر في الماضي، وهذا شكل من أشكال انحياز الضوء المبهر وتبرير أخطاء العظماء والمشاهير.
وهناك الانحياز للتأكيد وقراءة ما يؤكد لنا فكرتنا وهي قراءة خاطئة.
الانحياز الدفاعي الإسقاطي، وهو كل ما نشعر به يتهدد شخصنا ننحاز إليه ونرفض غيره.
الانحياز الذاتي الطفلي، وهو انحياز سلوكي، حيث لايتحمل الشخص مسؤولياته كطفل صغير وتسمى الحالة النكوص إلى العودة إلى النموذج الطفلي.
انحياز لعنة التعلم كثيرة ويقصد به ما نتعلمه يمنع تعلم شيء آخر.
وعن انحياز الناصح قال الشعيبي يدعي الناصح معرفة كل شيء ويتوقع أن الطرف الآخر قادر على فعل السلوك الذي يمكن للناصح فعله.
أما انحياز التفكير الرغبوي فقال هي رغبة بالشيء تجعلنا نعتقد أن العالم يجب أن يكون مسخراً لذات الشيء لذلك علينا أن نخرج رؤوسنا من الواقع لا أن نخرج الواقع من رؤوسنا.

التاريخ: الثلاثاء7-12-2021

رقم العدد :1075

 

آخر الأخبار
افتتاح أول فرن مدعوم في سراقب لتحسين واقع المعيشة " التنمية الإدارية" تُشكل لجنة لصياغة مشروع الخدمة المدنية خلال 45 يومًا تسويق  72 ألف طن من الأقماح بالغاب خطوط نقل جديدة لتخديم  5  أحياء في مدينة حماة مستجدات الذكاء الاصطناعي والعلاجات بمؤتمر كلية الطب البشري باللاذقية تحضيرات اللجنة العليا للانتخابات في طرطوس الوزير الشيباني يبحث مع رئيسة البعثة الفنلندية العلاقات الثنائية تناقص مياه حمص من 130 إلى 80 ألف م3 باليوم تحضيرات موتكس خريف وشتاء 2025 في غرفة صناعة دمشق وزارة الخزانة الأمريكية تصدر الترخيص 25 الخاص بسوريا .. رفع العقوبات وفرص استثمارية جديدة وتسهيلات ب... مجلس الأمن يمدد ولاية قوة "أوندوف" في الجولان السوري المحتل إعلام أميركي: ترامب يوقع اليوم أمراً تنفيذياً لتخفيف العقوبات على سوريا عودة مستودعات " الديسني" المركزية بريف بانياس تكريم الأوائل من طلبة التعليم الشرعي في التل انعكس على الأسعار.. تحسن قيمة الليرة السورية أمام الدولار "الاقتصاد".. منع استيراد السيارات المستعملة لعدم توافق بعضها مع المعايير ١٥ حريقاً اليوم ..و فرق الإطفاء في سباق مع الزمن لوقف النيران الشيباني يبحث مع وفد من“الهجرة الدولية” دعم النازحين وتعزيز التعاون "السودان، تذكّر" فيلم موسيقي عن الثورة والشعر ٥٢ شركة مشاركة... معرض الأحذية والمنتجات الجلدية ينطلق في حلب