“إن لم تمطر فنحن مقبلون على عجز زراعي “الكلام لوزير الزراعة أمام أساتذة الاقتصاد بجامعة دمشق… نقطة انتهى.
كلام وزير الزراعة يؤكد بما لا يدعو مجالاً للشك أن قطاعنا الزراعي بخير، وأن إستراتيجية زراعة كل شبر في سورية مطبقة بحذافيرها، وأن حصادنا من الذهب الأصفر فاق توقعات أهل الخبرة والاختصاص في الوزارة، وأن موسم الحمضيات تخطى جملة المعوقات والمشاكل والصعوبات التي تعترض طريق تصديره إلى الموائد العربية والأجنبية، وأن كميات الأسمدة متوافرة وبكثرة، وبأسعار مناسبة جداً، وأن مخصصات المحروقات المدعومة تفيض عن حاجة الفلاحين والمزارعين ومربي قطاع الثروة الحيوانية، وأن عقدة المنشار الوحيدة التي لا ثاني لها التي تقف حجر عثرة في وجه خطتنا الزراعية هي الأمطار ليس إلا.
المشكلة أن هذا القطاع الحيوي الذي كان ولا يزال رافعة الاقتصاد الوطني يتمّ التعاطي معه من خلال مؤتمرات نظرية بعيداً عن الأرض، مع معرفة وقناعة الجميع أن المسألة الزراعية في سورية تراكمية، ليست نتيجة الظروف الحالية، بل نتيجة سياسات ونهج تخطيطي سابق أدى إلى ما نحن عليه اليوم.
لا يمكن تغيير الواقع الراهن إلا من خلال برامج تنفيذية قابلة للتطبيق، فنمط بدائل السياسات المعتمدة على التشجيع والتحفيز والدعم لن يكون مجدياً لبناء اقتصاد زراعي تنافسي، بل يجب أن تبنى مقاربة تنموية تأخذ بعين الاعتبار أنه لا يمكن إحداث تغيير جذري إلا من خلال برامج تنفيذية، يشارك فيها أصحاب الصلة وتحديداً الفلاح.
الزراعة تحتاج إلى شبكات مياه للري وكهرباء ومستلزمات إنتاج رخيصة، وإجراء إصلاحات حقيقية ودعم مادي يترجم من خلال موازنتها السنوية، لأن الإنفاق هنا سيكون مجدياً وإيجابياً للاقتصاد ككل مع مشاركة فاعلة للقطاع الخاص للانتقال فيما بعد نحو مكننة زراعية واقتصاد زراعي تنموي وتنافسي، فالعالم يتوجه نحو الزراعة بعد دق ناقوس الخطر جراء الارتفاعات الكبيرة بأسعار المواد الغذائية، فهل نستفيق قبل فوات الأوان؟.
الكنز- ميساء العلي