تستيقظ الأسرة اليوم على هاجس تأمين لقمة العيش، كيف ستتدبر مبلغاً من المال لسد الرمق أولاً، بمرتبة ثانية ما يحتاجه الأبناء للخروج الى المدارس والجامعات أو أماكن العمل، قلة من البيوت من يسعى أصحابها لشراء مازوت التدفئة أو الخروج الى عيادات الأطباء في حالات المرض لأنه لا ميزانية لهذين الاحتياجين.
يزداد التراجع الذي يصيب حياتنا مع استمرار الغلاء ونفاد المدخرات، انتقل الناس من بيع بعض الأثاث الى بيع البيوت نفسها وشراء أصغر منها مساحة ليأمنوا تكاليف يومياتهم.
إنه الفقر الذي تتسع دائرته، والذي أصبح أخطر من قبل، لأنه اليوم ضعف جماعي، فالفقر ليس مجرد كلمة تستخدم للتحليل والقياس عند وضع السياسات أو عند تنفيذ دراسات في علم الاقتصاد أو الاجتماع، إنما واقع يهدد استمرار المجتمع، لأنه يعني التهميش والهشاشة، والتهميش هو البعد عن التنمية، أما الهشاشة فهي قابلية انفجار المجتمع بالتسرب المدرسي وانتشار المخدرات والجريمة.
الوجوه المتعبة حولنا، ومظاهر سوء التغذية عند الأطفال حولنا، وأمراض البرد، هي اليوم مأساة إنسانية مؤلمة وخطر حقيقي.
لايمكننا الحديث عن تماسك مجتمعي بوجود الفقر، لأنه سلسلة من الحرمان وعدم التمكين، حرمان من الصحة ومن التعليم ومن فرصة العمل اللائقة التي تسمح بتراكم الخبرة والترقية، حرمان من الوصول الى مختلف الحقوق ومنها حق الحياة وحق تأمين المسكن.
الفقر زادته الحرب العدوانية ووسعت انتشاره أفقياً وعمودياً، ولم يعد -كما قبلها- عقدة العمل والحصول على حقوق مرتبطة به أو تحقيق الحماية الاجتماعية لشريحة محددة، إنه اليوم ضعف عام، الغالبية لديها هاجس تأمين لقمة العيش، في مجتمع هش تزداد فيه الجريمة، مجتمع لا يستطيع أن يحميه قلة من الأغنياء، مع تعثر الخطوات الحكومية.
عين المجتمع- لينا ديوب