عندما تتستر وزارة الحرب الأمريكية على بيانات بشأن الأعداد الحقيقية للضحايا المدنيين بمن فيهم الأطفال الذين سقطوا خلال الحروب التي شنتها واشنطن على سورية، والعراق، وأفغانستان خلال السنوات الماضية، بغرض تحقيق مصالحها الاستعمارية والتوسعية، فإنها بذلك تتعمد التعتيم على عدد ضحايا جرائمها، كي لا يزداد سجلها الدموي اسوداداً أو يزداد كره شعوب العالم لساستها وحكامها.
وحينما ترتكب قواتها الغازية كل هذه المجازر المتعمدة بحق السوريين، والعراقيين، والأفغان، من دون أي إجراء عقابي، أو تأديبي لمرتكبيها، فهذا دليل واضح على أن النظام الأميركي، هو نظام مارق خارج عن القانون والشرعية الدولية، ولا تحكمه أي معايير إنسانية وأخلاقية، وهو تكذيب صريح لكل الادعاءات الأميركية الباطلة حول حقوق الإنسان، والحرية والديمقراطية، التي لطالما صدعت رؤوسنا بها، فيما هي تنتهج سياسة الحروب والعدوان ونشر الفوضى، لفرض هيمنتها على العالم.
فوفقاً للإحصاءات الرسمية الصادرة عن البنتاغون، وفي هجمات قيل إنها تستهدف إرهابيين دواعش في سورية والعراق، فإنه قد قتل 1417 مدنياً منذ 2014 كما قتل 188 مدنياً نتيجة الضربات الجوية الأمريكية في أفغانستان منذ عام 2018، فيما تشير المواد التي حللها الصحفيون إلى أن مئات الضحايا بين السكان المدنيين لم يؤخذوا في الاعتبار -ببساطة- في إحصاءات البنتاغون، الأمر الذي إن دل على شيء فهو إنما يدل على أن أمريكا -من دون مبالغة- تستحق أن تدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وذلك على خلفية ما ارتكبته من مجازر إرهابية، وما خلفته من أعداد هائلة من قتلى، ومهجرين، ومشردين، وما سببته من دمار شامل في البنى التحتية، والممتلكات، والمشافي، والمدارس، ودور العبادة، وما نهبته من ثروات نفطية وغازية.
كثيرة هي المجازر التي ارتكبتها أمريكا بحق الشعوب المناهضة لسياستها، وهي لا تعد ولا تحصى، وكل قادتها ومسؤوليها والقابعين على كراسي إداراتها المتعاقبة، ما هم إلا مجرمو حرب، وإرهابيون دوليون، لا همّ لهم سوى كيف يفتكون بالشعوب، ويسلبونها حقوقها، وثرواتها، وسيادتها، لتحويلها بشكل أو بآخر إلى دمى متحركة، وتحويل أوطانها إلى مجرد حدائق خلفية للبيت الأبيض، تدور في فلكه، وتنفذ أجنداته من دون زيادة أو نقصان.
ولكن يبقى السؤال: لماذا تتستر أمريكا على جرائمها، هل هي تخشى حقاً حراكاً دولياً من شأنه لجمها، ومساءلتها أممياً؟!، أم إنها بذلك تمضي قدماً في عرض حلقات جديدة من مسلسل الضحك على اللحى، والاستهبال اللا محدود، ومبدأ الغاية التدميرية تبرر الوسيلة التعتيمية؟!.. هي بكل تأكيد لا تأبه لأي حراك دولي يكبح جماح جرائمها، لأنها تحتكم في سياساتها لقانون شريعة الغاب، وهي ترى في ممارستها للإرهاب الدولي العابر للقارات، سبيلاً لاستمرار تزعمها الأحادي في قيادة العالم.
حدث وتعليق- ريم صالح