رغم كثرة الاجتماعات والندوات والملتقيات التي امتدت على مدار أكثر من ربع قرن من الزمن لإصلاح القطاع العام بكل أشكاله إلا أنها لم تتكلل بالنجاح أو الوصول لنتيجة معينة لإنعاشه وإخراجه من عنق الزجاجة ولم تخرج عن إطار التوصيات والتمنيات والوصفات بحيث بقيت كالحبر على الورق، والدليل على ذلك مطالب العمال المتكررة في كل مؤتمراتهم بضرورة إصلاح القطاع العام وإنقاذ ما تبقى منه.
صحيح أن هذا القطاع تعرض لتدمير ممنهج من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة ولكن مشاكله بالأساس كانت موجودة قبل الحرب العدوانية على سورية والتي عمقت أزمة هذه القطاع وزادت في حمله الثقيل، الأمر الذي بات بحاجة ماسة إلى حلول جذرية ووضع رؤى لتطوير عمل هذا القطاع تركز على توسيع قاعدته الاستثمارية، ليكون رائداً في العملية الإنتاجية وفاعلاً في مرحلة إعادة الإعمار، والأهم من ذلك هو وجود الإرادة والقرار والإدارة الكفوءة والتشريع الناظم والتمويل اللازم لذلك والعمل بطريقة تتناسب مع الواقع الحالي.
القطاع العام نشأ تحت شعار الإحلال محل الواردات، وتلبية احتياجات السوق المحلية وقد كان ولا يزال رافعة من روافع التنمية وداعماً للاقتصاد الوطني وهو رهان سورية المستقبلي لأنه ضامن للاستقرار بكل أنواعه، ولذلك يجب إصلاحه وتشغيله وفق الأسس الاقتصادية وتعزيز دوره كأداة تنموية حقيقية وتخليصه من مشاكله ومعوقاته ورفع كفاءته وتحويله إلى قطاع رابح لأنه يصب بمصلحة العامل كفرد وفي صالح المجتمع عموماً، كما يوفر فرص عمل جديدة وزيادات في الأجور وتقديم خدمات اجتماعية.
لقد أثبتت التجارب في معظم الدول أن القطاع الصناعي هو القاطرة الحقيقية للتنمية الشاملة، انطلاقاً من ذلك يجب التركيز على تحديد الصعوبات التي يعانيها قطاعنا الصناعي وتوصيفها وتحديد أسبابها واقتراح الحلول لمعالجتها وإيجاد التدابير والإجراءات المتكاملة والكفيلة بإنعاش هذا القطاع والتوقف عن رفع أسعار حوامل الطاقة ومصادرها والتي تشكل عناصر رئيسية في تشغيله وفي تحديد تكلفة الإنتاج واعتماد طريقة الحلول الجذرية بالمعالجة بدلاً من الإسعافية التي تقدم أنصاف حلول ومعالجة آثار الحرب وتداعياتها وتأهيل الشركات المتضررة والمتوقفة أو المدمرة من جراء العمليات الإرهابية وإعادتها للعمل وتحفيز العملية الإنتاجية ودعم الاقتصاد المحلي والتوجه للاستثمار بمشاركة شركات وأفراد من القطاع الخاص والدول الصديقة لإعادة بناء وتأهيل وتوفير كل ما يلزم لإعادة تشغيل هذه المنشآت ضمن نشاطها الأساسي أو أي نشاط آخر ينسجم مع طبيعة الموقع والأهمية.
أروقة محلية- بسام زيود