لعلها محاولة من وزير المالية لتقديم جرعة تفاؤل إضافية للعاملين في الدولة بعد صدور مرسوم زيادة الأجور والرواتب الأخير، عندما قال أمام ممثلي العمال في مجلسهم العام قبل يومين إن الوزارة تدرس إعفاء التسعين ألف ليرة الأولى من الراتب من ضريبة الدخل، بمعنى رفع السقف المعفى من الضريبة من 50 ألف ليرة إلى 90 ألف ليرة، إلى جانب السعي لفتح سقوف الرواتب لمن وصل السقف ومضى عليه عامان.
وبهذا نجد أن وزير المالية قد أجاب بشكل غير مباشر عن تساؤلات العاملين في الدولة في هاتين النقطتين بالذات، وكيف سيتم التعامل مع الحالتين، إلا أن الباب بقي مفتوحاً لغير ذلك من الاحتمالات، خاصة وأن الأمر ما زال في طور الدراسة كما قال وزير المالية.
ولعل هذا يدفع باتجاه أسئلة كثيرة وربما توارد أفكار تحتاج إلى ضبط أكثر من القول بأن وزارة المالية تسعى وتدرس، “فكفاءة” الدخل المحدود للعاملين في الدولة باتت معروفة المستوى، ولا يحتاج الأمر إلى القول بأنها باتت من الهشاشة بمكان، حيث أنها لم تعد قادرة على تلبية 10% من الاحتياجات الضرورية للأسرة.
وبهذا تجدنا نذهب باتجاه أكثر تفاؤلاً مما ذهبت إليه “المالية” لنقول إن ضعف كفاءة الدخل المحدود تتطلب اتخاذ قرار أكثر جرأة من إعفاء التسعين ألف ليرة الأولى من ضريبة الدخل، لنذهب باتجاه إعفاء كامل الراتب فهو بالكاد يقوى على تمرير بضعة أيام من الشهر تعد على أصابع اليدين وربما أقل، فمن باب أولى أن يذهب التفكير لتقديم هذه الجرعة الداعمة من المقويات والمحسنات التي تبقيه متماسكاً بعض الشيء قبل أن تطاله باقي الاقتطاعات من حسم أقساط قروض وسلف وغير ذلك، هذا إلى جانب اشتراكات النقابات والاتحادات التي ينتسب إليها العامل، والتي لا تقل عن ضريبة الدخل ثقلاً إن لم نقل أنها تفوقها..
كذلك بالنسبة لفتح سقوف رواتب فقط من مضى على وصولهم السقف عامان، ففي هذا أيضاً ما ينقلنا إلى نفس الحديث لنقول إن هذا الإجراء قد يفيد نسبة من العاملين في الدولة ليحصلوا على الزيادة والترفيعة الجديدة كاملة، والتي تصرف كل عامين بمبلغ لا يتجاوز 9% من الأجر المقطوع، لكنه سيَحرم آخرين لم يصلوا سقف الراتب المحدد قبل الزيادة من الاستفادة من كامل الترفيعة بعد الزيادة.
ما نود قوله هنا إن الضريبة ورغم أنها من أهم الموارد الداعمة للخزينة العامة، لكن بالمقابل إن المساهمة في التخفيف عن شريحة العاملين في الدولة وإعفاء دخولهم المحدودة من الضرائب كحد أدنى، فيه الكثير من المساهمة بدعم الخزينة، لأن في هذا دعماً لشريحة واسعة من المجتمع هي الشريحة المنتجة، والتي تشمل العمال والموظفين في مختلف الدوائر الخدمية وغيرها، والذين تقع على عاتقهم ضمان استمرار تشغيل مؤسسات الدولة واستمرارها في عملها وتقديم خدماتها لباقي المواطنين.
حديث الناس – محمود ديبو