الملحق الثقافي:د. ثائر زين الدين:
يلجأ الشاعرُ لحظة الكتابة إلى ذاكرتهِ البصريّة، التي اختزنت أشياء مدهشة، من بينها عمل تشكيلي ما وقع في نفسه، فيصفه ضمن نصه الشعري، أو يستحضرُ اسمَهُ أو اسمَ صاحبهِ لغايةٍ فنيةٍ ما، والأمثلة كثيرةٌ جداً منذُ وصفَ هوميروس درعَ آخيل في النشيد الثامن عشر من الإلياذة، ومنذُ وصفَ فرجيل درعَ إيناس في النشيد الثامن من الإنيادة، أو حينما استخدم أوصاف تمثال فيدياس المهيب المصنوع من الرخام والذهب، أو أوصافاً لرب الآلهة والبشر جوبيتر، وحين بدا نبتونNeptune شقيق جوبيتر في النص كما هو تماماً في صور بومبي، خارجاً من البحر والماء يتصبب من رأسِهِ:
« وأخرجَ هامتهُ المهيبة فوقَ سطحِ الموج،
ومدَّ نظرهُ إلى الأفق البعيد» .
أو حين يصف فرجيل جنيّات البحر والآلهة المتوثبّة التي تواكب بروتِه Protee فإذا بهِ ينقلها عن نقوش في بومبي، أو عن صور تزيّن إناءً يونانيّاً وما إلى ذلك. وهذا أيضاً ما يفعلُهُ دانتي مثلاً في وصفِهِ تمثال البشارة لمريم العذراء، وتمثالي داوود وتراجان في المطهر- النشيد العاشر، من الكوميديا الإلهيّة…
أو حين يجدُ الشاعرُ العربيُّ الجاهليُّ نفسهُ يلجأ إلى صورةِ الربّة الأم (عشتار)، ممثَّلةً في تماثيلها التي صَنعها مثّالو تلك الحقبة ليصفَ محبوبته. يقولُ النابغة:
قامت تراءى بينَ سجفي كلَّةٍ
كالشمسِ يومَ طلوعها بالأسعدِ
أو دُرَّةٍ صدفيّةٍ غوَّاصُها
بهجٌ، متى يرها يهلّ ويسجدِ
أو دميةٍ من مرمرٍ، مرفوعةٍ
بُنيتْ بآجرٍ، تُشادُ، وقرمدِ
إذاً ها هيذي محبوبةُ الشاعر مشرقة الوجه، بيضاء كدرَّةٍ يخرجها الغواصُ من صدفتها فيسجدُ مبتهجاً أمامَ جمالها، إنَّها الدمية المرمريّة التي تمثِّل عشتار، المرفوعة على قاعدةٍ؛ كما كانت الحال في المعابدِ، والمحاريب، وفي بعضِ القصورِ الإغريقيّة والرومانيّة.
ونجد ما يشبه تلك الصورة عند الأعشى الذي يقولُ واصفاً امرأة جميلة كانت بين رفيقاتها:
وقد أراها وسطَ أترابها
في الحيِّ ذي البهجةِ والسامرِ
كدميةٍ صُوِّرَ مِحرابُها
بِمُذهَبٍ في مرمرٍ مائرِ
الشاعرُ يسترفدُ في وصفِ المرأة التي يُعجبُ بها صورة عشتار التي تجلَّت في نسختها العربيّة (العُزّى وغيرها)، والتي صوَّرها النحاتون دُميةً مملوءة الجسم بكاملِ زينتها من حليٍّ وأقراطٍ وما شابه وتتصدَّر جدران المعابدِ الأموميّة، ما يُضفي على المرأة مسحةً من القداسة كرمزٍ للخصوبةِ والولادة.
ويقولُ عنترة واصفاً نساءً جميلاتٍ خلبَ ألبابهن:
ولربَّ شربٍ قد صَبحتُ مُدامةً
ليسوا بأكناسٍ ولا أوغالِ
وكواعبٍ مثلَ الدُمى أصبيتُها
ينظرنَ من خَفرٍ وحسنِ دلالِ
ويتكرَّرُ تشبيه المرأة في شعرِ الجاهليين بالدُمية بصورةٍ لافتة؛ يقولُ بشر بن أبي خازم وهو يصفُ نساءً على الحدوج (مراكبٌ تُعد للنساء على ظهور الإبل):
كأن على الحدوجِ مُخدَّرات
دُمى صنعاء خُطَّ لها مثالُ
إنَّهنَّ لجمالهن يشابهن الربّة الأم كما صاغها فنانو اليمن، في دُمىً من عاج.
ويصفُ امرؤ القيس بعض تلك التماثيل – الدُمى فيقول:
كأنَّ دُمى سُقفٍ على ظهرِ مرمرٍ
كما مُزبد الساجوم وشياً مُصوَّرا
غرائرُ في كِنٍّ وصونٍ ونعمةٍ
يُحلّينَ ياقوتاً وشذراً مُفقِّرا
إذاً نحن أمام تماثيل الربّة الأم في جبلٍ في ديار طيء، إنَّها دمىً مُقدَّسةً مصنوعةً من المرمرِ ومزيَّنةً بالياقوتِ الأحمر والذهب الأصفر تتصدَّرُ بيتَ العبادة.
سيقلُّ حضور هذهِ الأعمال الفنيَّة ذات المدلولات الدينيّة في العصور الإسلامية اللاحقة، بل سيختفي، حتى يظهرَ قليلاً ومن دون محتوياتٍ دينيَّةٍ في قصائد مُتفرِّقة في هذا العصرِ أو ذاك؛ كما وجدنا في قصائد من العصر العباسي، ومن هذه الأمثلة يمكن الوقوفُ على قصيدة أبي نواس ( 747- 806) م، التي كتبها متأثراً بما آلت إليه عاصمةُ الأكاسرة «المدائن»؛ حين جلسَ وصحبه في إحدى حاناتها ودور أنسِها ولهوها، ودارت عليهم الخمرة في كأس ٍ ذهبيّة صنعتها يدُ فنان فارسي، وزينتها بصورة كسرى في قعرها، وصور البقر الوحشي والفرسان وهم يحاولون صيدها بسهامِهم على جوانبها:
ودارُ ندامى عطلوها وأدلجوا
بها أثرٌ منهم جديدٌ ودارِسُ
مَساحِبُ من جَرِّ الزقاقِ على الثرى
وأضغاثُ ريحانٍ جنيٌّ ويابِسُ
تدورُ علينا الراحُ في عسجديّةٍ
حبتها بأنواعِ التصاوير فارسُ
قرارتها كسرى، وفي جنباتها
مهاً تدّريها بالقسيِّ الفوارسُ
فللخمرِ ما زُرّتْ عليهِ جيوبُها
وللماءِ ما دارت عليهِ القلانسُ
والحق إن الأبيات الثلاثة الأخيرة التي تصف التحفة الفنية، حين تُربَطُ بما سبقها تجعلنا نستشعر « جدليّة الحياة والموت بكل قسوتها وصدقها. لقد خلت الدار وصارت أطلالاً دارسة، لم يبق َ فيها من الندامى الذين هجروها سوى آثار جرّ الزقاق على الثرى، وبقايا ريحان جني ويابس، وفي إطار الزوال والفناء، الذي زاده الرحيل حزناً على حزن، وضع الشاعر أحداث الماضي في صورة تثبّته، وتجعله حاضراً في خيال كل ناظر إليه أو قارئ لسطوره…»
وفي هذا السياق أيضاً يمكننا أن ننظر إلى سينيّة أبي عبادة البحتري (204 – 284)هـ، التي وصف فيها إيوان كسرى؛ وهو قاعة العرشِ في «القصر الأبيض»، في «المدائن» عاصمة الفرسِ، متوقفاً مليّاً عند نحتٍ بارزٍ في أحد جُدرِ القصر، وهو عملٌ فني يصوّر معركةً دارت بين الروم والفرس عند مدينة أنطاكيّة سنة 540م، يقول الشاعر:
وإذا ما رأيتَ صورةَ أنطا….
كيّةَ ارتعتَ بينَ روم ٍ وفـــرس ِ
والمنايا مواثلٌ و أنوشر..
وانَ يزجي الصفوفَ تحتَ الدِّرفس ِ
في اخضرارٍ من اللباس
على أصــفرَ يختالُ في صبيغةِ ورْس
وعراك الرجال بين يديهِ
في خفوتٍ منهم وإغماض ِ جَرْس
من مُشيح ٍ يهوي بعاملِ رمح
ومليح ٍ من السِّنان بترس ِ
تصفُ العينُ أنهم جدُّ أحياء
لهم بينهم إشارةُ خرسِ
يغتلي فيهم ارتيابي َ حتّى
تتقرّاهم يدايَ بلمس ِ
وإذا كنا لا نعلمُ مَن الفنان الذي أبدعَ ذلكَ العملِ الفنّي الباهر؛ كما وصلنا من خلالِ تصوير البحتري الحسّي له، فإنّ تلكَ العواطف والمشاعر التي سيطرت على الشاعرِ لحظةَ الكتابة قد وصلتنا بعمقها وتأجُّجها بعدَ نحو ألفٍ ومئتي عامٍ من كتابتها؛ لقد استطاعَ المبدعُ أن يعبِّرَ عنها بصورٍ دالةٍ مُعبِّرةٍ وفِّقَ إلى ابتكارها باسترفادِ العملِ الفنيِّ التشكيليِّ الذي قَدَّمَ لنا ماضي أهلِ هذا المكانِ الدارسِ؛ عندما كانوا يوجِّهونَ الجيوش الجبّارة إلى حدودِ الأرضِ ويعودونَ منصورين؛ وقدَّمَ لنا في الآن نفسهِ حاضر هؤلاء القوم؛ فالمكان اليوم ليسَ إلّا أطلالاً، ويكفي أن تتأملَ فيهِ حتى تكتشفَ أنَّ الليالي فعلت فعلها:
لو تراهُ علمتَ أنَّ الليالي
جعلتْ فيهِ مأتماً بعدَ عُرسِ
ألا يشي هذا التحوّلُ بمثيلِهِ الذي ألمَّ بالشاعرِ نفسه بعدَ أن قُتِلَ الخليفةُ العباسيُّ المُتوكِّل؛ فحزنَ عليهِ وبكاه ورثاه؛ وهو الذي قرَّبه إليهِ وجعلَ منهُ صديقاً ونديماً، ما جعلَ ابنَ القتيلِ الخليفة الجديد المنتصرَ بالله، يجفوه ويبعده؛ ولا سيما أنَّهُ هو نفسه من دَبَّرَ قتلَ أبيه ووزيره.
ومثل القصيدتين السابقتين قصيدة أبي الطيّب المتنبي (303 – 354) هــ، التي قالها في مدح سيف الدولة، وهو يجلس في خيمة كبيرة ضربت له في أنطاكية ( 337) هــ، ليستقبل فيها وفود المدينة، حيث خصّ الشاعرُ وصف الرسومِ المصورة على الخيمة بسبع أبيات :
وأحسنُ من ماء الشبيبة ِ كلّهِ
حيا بارق ٍ في فازةٍ أنا شائِمُهْ
عليها رياضٌ لم تُحكْها سحابةٌ
وأغصانُ دوح ٍ لم تُغنِّ حمائِمُهْ
وفوقَ حواشي كل ثوبٍ موجَّه
من الدُرِّ سِمْطٌ لم يثقّبهُ ناظمُهْ
ترى حيوانَ البر ِّ مصطلحاً بها
يحاربُ ضدٌ ضدّهُ و يسالمهْ
إذا ضربتهُ الريحُ ماجَ كأنهُ
تجولُ مذاكيهِ وتدْأي ضراغمه
وفي صورة الروميِّ ذي التاج ذلةٌ
لأبلجَ لا تيجان إلاّ عمائمهْ
يقبّلُ أفواهُ الملوك بساطةُ
ويكبرُ عنها كمّهُ وبراجِمُهْ
قياماً لمنْ يُشفي من الداء كيّهُ
ومَن بينَ أذني كلِّ قَرْمِ مواسمُهْ
ومن القصائدِ القليلةِ في الشعر العربي القديمِ في هذا الباب اثنتانِ لابن حمديس الصقلّي يصفُ فيهما تماثيلَ أُسْدٍ في بركةِ ماءٍ، في قصر الخليفةِ المنصور وصفاً حسِّيّاً واقعياً، يُفضي منهُ في إحداهما إلى مدحِ الخليفةِ.
الأمثلة على هذا الشكل الذي استوحى فيه الشعرُ الفنَّ التشكيليَّ في الأدبِ الأوربي غير قليلة؛ منها في الأدب الإنكليزي قصيدةُ الشاعر كيتس ( 1795- 1821)م، عن «الوعاء الإغريقي»، أو بترجمةٍ أخرى: «قصيدة غنائيّة لآنيةِ زهرٍ إغريقيّة» ، التي يستهلها بالمقطع التالي:
«أنت يا عروس السكون، التي لم يمسسها أحد
أنت يا من تبناها الصمت والزمان الوئيد
يا راوية الغابات، يا من تستطيعين أن تحكي
قصةّ مزهرة أكثر عذوبة ً من أشعارنا».
فيضعنا الشاعر أمام إناءٍ مرمري تُبعثُ فيهِ الروح، إنَّه يؤنسِنهُ على نحوٍ ما، ويقدِّم لنا مشاهد متنوِّعة من حياةِ بشرٍ عاشوا زمنَ صنعَ الفنانُ الآنية: عروسٌ من لحمٍ ودم، عريس… وعاشقٌ جريءٌ لا يستطيعُ أن ينال قُبلة…، رجالٌ، عذراواتٌ مُجهدات، أغصانُ غابات، وأعشابٌ داستها الأقدام، كاهنُ غامض يقودُ أُضحيةً (بقرة) إلى مكانٍ ما، مدينةٌ صغيرة فارغة أو مهجورة…إلخ؛ وسيحملُ المقطعُ الخامس من القصيدة، وهو الأخير المقولةَ الرئيسةَ للنص:
«أيّها الشكلُ الأثيني، يا موضوعاً جميلاً مُطرَّزاً
برجالٍ رخام وعذرواتٍ مجهدات،
بأغصانِ غابات وأعشابٍ موطأة،
أنت يا شكلاً صامتاً يُثيرنا ليسلبنا أفكارنا،
كما تفعل الأبديّة: ريفٌ بارد!
حين ستبدِّدُ الشيخوخة هذا الجيل
ستظل أنت، وسطَ حزنٍ آخر
غير حزننا، صديقاً للإنسان، الذي تقول له:
«الجمالُ هو الحقيقة، والحقيقة هي الجمال»- وهذا هو كل
ما تعرفه على الأرض، وكل ما تحتاج أن تعرفه.»
إن رسالة الإناء أو المزهريّة تتجلّى في قول الشاعر على لسانِ الإناءِ نفسهِ مخاطباً «وسطَ حزنٍ آخر» جيلاً جديداً يحلُّ محل جيل الشاعر:»الجمالُ هو الحقيقة، والحقيقة هي الجمال».
ربَّما قدَّمت قصيدةُ شارل بودلير «كآبة» أو في ترجمةٍ أُخرى «سأم» مثالاً جليّاً على هذا الشكلِ من استرفاد الفنّ التشكيلي؛ لنقرأ المقبوس الآتي منها:
«… أنا مقبرةٌ عافها القمر، يسعى فيها
كما يسعى الندمُ دودٌ طويلٌ ينقضُّ دائماً بنهمٍ
على الأعزاء من أمواتي
أنا بهوٌ قديمٌ تملَؤهُ الزهورُ الذابلة
تسكنُهُ أكداسٌ من الأزياء التي فات زمانها
وتستنشقُ فيهِ عبيرَ حقٍّ مفتوح
رسومُ الباستيلِ الشاكية
ولوحاتُ «بوشيه» الشاحبة» .
النصُّ كُلّهُ يتحدَّثُ عن كآبةِ الشاعر التي مَردُّها أساساً إلى شعور بودلير المزمن بالضجر؛ وهو ما يراهُ جان بول سارتر حين يقولُ: «إنّهُ يشعُرُ بالضجر، وهذا الضجر- تلكَ العاطفة العجيبة التي هي أصل كل أمراضه وكل نجاحاته البائسة – ليس حالة عارضة أو كما يدعي هو أحياناً ثمرة عدمِ فضولهِ المقرف: إنّه الضجر النقي للحياة، الذي تكلَّمَ عنهُ فاليري، إنّه الطعم الذي يملكه الإنسان لنفسهِ بالضرورة، إنَّهُ طعم الوجود» ، وإذا وافقنا على أنَّ تلك الموجودات كلها التي رأيناها في البهو القديم، ومن قبلُ في الخزانةِ الضخمةِ المزدحمة بالأدراج (هكذا يصف ذكرياته) بكل ما فيها تُرسِّخُ ما أرادَ الشاعرُ أن يعبرَ عنهُ من حالةِ القنوطِ والسأم التي جعلت من تلكَ « المادة الحيّة (الشاعر) صخرةً يحيطُ بها رعبٌ غامضٌ، تنامُ في قلبِ صحراء مغبرّة، كأبي هولٍ تجاهله عالم غافلٌ، وأُزيلَ عن الخريطة، ولم يعد يغنّي إلّا على الضوء الشاحب، لأشعةِ الشمس الغاربة.» فلا بدَّ لنا أن نتساءلَ لماذا حشرَ بينها لوحات بوشيه، ووصفها بالشاحبة؟ نعم يمكن لرسوم الباستيل أن تكونَ شاكيةً أو حزينةً أو سوى ذلك كما قدَّمها الشاعر؛ فهو لم يخبرنا عن تلكَ الرسوم شيئاً، ولا نعرفُ من رسمها وما إلى ذلك، لكنَ لوحات فرانسوا بوشيه (1703-1770)، المصورُ والحفّار الفرنسي الشهير، الأستاذُ في اللوفر، ومصوِّر الملك لويس الخامس، ليست شاحبة في حقيقةِ الأمر؛ لقد تميَّزت ألوانها عموماً بالوردي والأزرقٍ والأخضرِ؛ وركَّز فيها الفنان على جمال جسدِ المرأةِ وعلى «الإغراءِ الأنثوي» عموماً، وبدت نساؤهُ رشيقات لعوبات كما رأينا في لوحاتهِ:»ديانا بعد حمَّامها» و»فينوس»، و»داناييه»، و»ماري لويز أومورفي « وغيرها. (انظر ملحق الكتاب). من أينَ جاءَ الشحوبُ إلى تلكَ الأعمال؟ لابدَّ أن هذهِ الرؤية ليست بصريّة واقعية! إنها بالتأكيد رؤيا نفسيّة فكريّة؛ وقد تكون نابعة من أمرٍ يتمثّلُ في أن بوشيه كان على الأغلب يرسمُ أعماله لتناسب الصالونات الصغيرة والغرف التي تعبِّرُ عن حب المظاهر؛ حيث يقضي أبناءُ الطبقةِ الأرستقراطيّة أوقات مُتعَتهم، ويعيشونَ ملذاتِ الحبِّ الجسديِّ؛ وهوما عبَّر بودلير غير مرَّةٍ عن حقدهِ عليه وكرهه له وللطبقةِ التي تعيشه، و شاركَ في الانتفاضةِ الشعبيّة عام 1848 الساعية لتغيير ذلك الوضع الاجتماعي، وأصدر مع بعضِ أصدقائهِ نشرةً أو صحيفةً ذات طابع اشتراكي حملت اسم «الخلاص العام».
وثمَّةَ كثيرٌ من القصائد التي استحضر فيها الشعراء عناصر ومشاهد من لوحات الفنانين بما يخدم قصائدهم، ولاسيما تلك التي أنتجها مصورون رومانسيون من أمثال : كلود لوران (1600- 1682) م، وسلفاتور روزا ( 1615-1673) م وغيرهما.
التاريخ: الثلاثاء11-1-2022
رقم العدد :1078