هل تجتاح روسيا أوكرانيا؟

 

تدور بتسارع رحى المعركة الإعلامية الحامية الوطيس بين روسيا الاتحادية وحلف شمال الأطلسي من جهة وبين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا (أوكوس) وبين الصين من جهة ثانية تتخللها تحركات عسكرية وتكتيكية وبناء تحالفات دولية أوصلت المراقبين والسياسيين إلى مرحلة توقع ساحات الحرب العالمية الثالثة القادمة.
يمهد إعلان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ موافقة الحلف المبدئية على انضمام أوكرانيا وجورجيا إليه لمرحلة استفزازية خطيرة مع روسيا وتعمل الماكينة الإعلامية الغربية لتحضير الرأي العام الغربي لهذه الخطوة غير المحسوبة وصلت إلى مستوى إدعاء الناطقة باسم البيت الابيض جين بساكي أن روسيا ستجتاح أوكرانيا خلال الفترة ما بين منتصف الشهر الجاري ومنتصف الشهر المقبل، الأمر الذي وصفته موسكو بالمعلومات المضللة، والضغط إعلامي.
ما توقعته بساكي قد يكون خياراً إجبارياً لروسيا في حال مضي الناتو بخططه لقبول أوكرانيا وجورجيا في عضويته لقطع الطريق على الناتو، وفي نفس الوقت يضع الحلف أمام واقع ترتب مواجهته مخاطر كبيرة على الأمن الأوروبي.
يطرح الكثير من المحللين نظريات وتوقعات حول ساحات الحرب المقبلة بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة وحلفائها في حلف الناتو، ولكن أكثرها إثارة هو ترجيح كفة منطقة الشرق الأوسط وفق ما أعلنه المحلل السياسي الروسي ألكسندر نازاروف مستنداً الى مؤشرات عديدة في مقدمتها تأثير عامل الطاقة في أي صراع عالمي، والتواجد الأميركي المكثف في هذه المنطقة وأولويتها في إمدادات الطاقة للدول الغربية بشكل عام.
ما يتداوله المحللين السياسيين وخاصة المقربين من أصحاب القرار ليس دائماً من قبيل التكهنات، كما وإنما هو جانب من المعركة المتصاعدة الإعلامية والتحذيرية، وعلى ما يبدو أن أي حرب عالمية أو إقليمية قادمة سيكون لموارد الطاقة فيها دوراً كبيراً في حسمها، وهذا ما يعطي المتحكم بمنطقة الشرق الأوسط ميزة فريدة في ظل الشح والتراجع في المخزونات العالمية من المشتقات النفطية والغازية.
إن الحديث المبطن عن انحراف بضعة صواريخ أميركية أو روسية عن مسارها خلال المعركة، لتدمر عن طريق (الخطأ) أكبر المنشآت النفطية في المنطقة حسب ما ذهب إليه نازاروف يتقاطع إلى حد كبير مع توقعات بساكي اجتياح روسيا لأوكرانيا، وهذا يوضح سخونة المعركة الإعلامية الدائرة بين الطرفين والتي يرى البعض من السياسيين أنها مقدمة لاتفاق بينهما يجنبها التصادم في المستقبل مقابل تفاهمات على توزيع الكعكة على حساب الدول الأخرى المشاركة في الصورة دون فاعلية أو وجود.
السؤال هنا هو هل يمكن لدول المنطقة تفادي تحويلها إلى ساحة حرب في ظل ارتهان معظمها للسياسة الأميركية الغربية والتحالفات والتجاذبات القائمة؟ والجواب لا بالنظر الى موقع المنطقة الاستراتيجي في مصادر ونقل الطاقة والوجود العسكري الأميركي فيها وسهولة تحويله إلى هدف في أي معركة واسعة يمكن أن تشترك فيها قوى متعددة كالصين وروسيا وأميركا وبريطانيا وغيرهم.
ان تجنيب المنطقة مثل هذا المعارك يحتاج إلى عمل متكامل بين الدول العربية وقدرة على مواجهة الأخطار بشكل جماعي وهذا أمر غير متوفر حالياً، ومن الصعب إنجازه في فترة قصيرة، وبالتالي المطلوب من دول المنطقة التفاوض على عوامل قوتها من عناصر الطاقة مع الدول المتناحرة لمنع وقوع الحرب أصلاً، وتغليب فن السياسية على فنون القتال، وهذا خيار متاح إذا اتحدت جهود جميع الدول التي تملك إلى اليوم 60 بالمئة من المخزونات العالمية.
حتى اليوم لم يصل التوتر القائم بين روسيا والناتو إلى الدرجة الحمراء، ولكن هذا الأمر مرهون بإصرار الناتو على الاقتراب من محيط روسيا الحيوي وضم أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو أو إحداهما سيدفع الأمور بروسيا إلى تكرار سيناريوهات مشابهة سابقة ولكن أكثر حسماً وردعا للناتو والولايات المتحدة.
في ظل التطور العالمي على مستوى صناعة الأسلحة وتجاوز البعد الجغرافي لم تعد القواعد الأميركية تشكل عامل قوة بل يمكن أن تكون نقاط ضعف حيث يسهل استهدافها وتحييدها، وهذا يمنح روسيا عاملاً إيجابياً بالنظر لقربها من مناطق الصراع والابتزاز بالنظر للبعد الأميركي من هذه المناطق.
إن الترويج الأميركي لقيام روسيا بغزو أوكرانيا خلال الشهرين القادمين يوحي بأن الإدارة الأميركية مقدمة على خطوات استفزازية جديدة، وربما ما يمنع وصول التوتر إلى حالة الصدام هو عدم جاهزية العديد من الدول الأوروبية فتح مواجهة مع موسكو على خلفية الوضع في أوكرانيا.
في شرق الكرة الأرضية تتعاظم التوترات أيضاً بين (أوكوس) مع الصين تدار المعركة الإعلامية بشكل مختلف في الوقت الذي يقوم فيه المتخاصمين بتعزيز قدراتهم العسكرية، وهو الأمر الذي سيكون له منعكسات سياسية واقتصادية في منطقة الشرق والعمق الأوروبي مع الولايات المتحدة في مضاعفة التحديات على الصين.
حتى اليوم لا توجد مؤشرات قوية لاندلاع حرب عالمية واسعة، ولكن عندما تقوم واشنطن بتحصين قواعدها أو سحب النقاط الضعيفة فعندها يمكن القول إن العالم على حافة الفناء.

 معاً على الطريق- أحمد ضوا

آخر الأخبار
تقرير مدلس.. سوريا تنفي اعتزامها تسليم مقاتلين "إيغور" إلى الصين محافظ السويداء يؤكد أنه لا صحة للشائعات المثيرة لقلق الأهالي  بدورته التاسعة عشرة.. سوريا تشارك في معرض دبي للطيران أحداث الساحل والسويداء أمام القضاء.. المحاكمات العلنية ترسم ملامح العدالة السورية الجديدة وزمن القمع... الاقتصاد في مواجهة "اختبار حقيقي" سوريا وقطر.. شراكة جديدة في مكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة الرقابة كمدخل للتنمية.. كيف تستفيد دم... إعادة دراسة تعرفة النقل.. فرصة لتخفيف الأعباء أم مجرد وعود؟ منشآت صناعية "تحت الضغط" بعد ارتفاع التكاليف وفد روسي ضخم في دمشق.. قراءة في التحول الاستراتيجي للعلاقات السورية–الروسية وزير الخارجية الشيباني: سوريا لن تكون مصدر تهديد للصين زيارة الشرع إلى المركزي.. تطوير القطاع المصرفي ركيزة للنمو المؤتمر الدولي للعلاج الفيزيائي "نُحرّك الحياة من جديد" بحمص مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية الطب البشري بعد التحرير خطة إصلاحية في "تربية درعا" بمشاركة سوريا.. ورشة إقليمية لتعزيز تقدير المخاطر الزلزالية في الجزائر    السعودية تسلّم سوريا أوّل شحنة من المنحة النفطية تحول دبلوماسي كبير.. كيف غيّرت سوريا موقعها بعد عام من التحرير؟ سوريا تشارك في القاهرة بمناقشات عربية لتطوير آليات مكافحة الجرائم الإلكترونية جمعية أمراض الهضم: نقص التجهيزات يعوق تحسين الخدمة الطبية هيئة التخطيط وصندوق السكان.. نحو منظومة بيانات متكاملة