نعم… الدستور السوري ينص صراحة على حرية التعبير والرأي .. شرط ألا تتحول هذه الحرية الى فوضى ..
كثر الحديث هذه الأيام عن قانون الجريمة الالكترونية المزمع إصداره قريباً لضبط حالة الفوضى التي يشهدها العالم الافتراضي وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي …
الأمر هنا ليس حرية .. فالتعرض الى الشأن العام من دون وثائق أو لشخصيات عامة أو خاصة ليس حرية .. وهي مصانة بالقانون السوري أصلاً..
من ناحية أخرى أشرنا في أكثر من مناسبة الى أن الإعلام شريك حقيقي للمؤسسات العامة من خلال مساعدتها على كشف الخلل إن وجد و بالتالي العمل على تجاوزه وإصلاحه.
هذا الفكر غير موجود في كثير من الجهات التنفيذية والتي لها علاقة مباشرة مع قضايا المواطن سواء كانت خدمية أو اقتصادية.
الحل الحقيقي لتجاوز حالة الفوضى التي يشهدها قطاع العالم الافتراضي يكون عبر تنظيمه وقوننته من خلال تشريع يضمن حق المواطن وحق الدولة..
كثير من الناس يتناولون خلال أحاديثهم اليومية حرية الإعلام واعتباره سلطة حقيقية يؤخذ برأيه باعتباره شريكاً حقيقياً لمكافحة الفساد..
الإعلام في معظم دول العالم مستثمر من قبل رؤوس الأموال وبالتالي هناك استثمار في الإعلام و قلما نجد أن إعلاماً خارجياً يتناول قضايا داخلية حساسة على منابرها الإعلامية بل يكون موجهاً لخدمة أهدافها بالخارج والداخل..
الأمثلة هنا كثيرة ولا مجال لسردها في هذه العجالة..
في سورية مثلاً نرى أن الدولة هي من تمول الإعلام الوطني الرسمي، ورغم ذلك نجد أن هذا الإعلام يمارس دوره في نقد الأداء الحكومي ومراقبة أداء السلطة التنفيذية والإضاءة على السلبيات والفساد.. الخ
نحن هنا لن ندعي أننا نمثل حالة فريدة في الإعلام .. لكن أقل ما يمكن هو وصف الحالة على أنها مرحلة متقدمة من حرية الإعلام المتاحة أكثر من أكثر الدول التي تدعي الديموقراطية .. بينما تمارس عبر الإعلام أبشع الجرائم الإرهابية العالمية ..
صديق لي زار إحدى الدول العربية في تسعينيات القرن الماضي، حيث أجرى مقارنة بين أحد أحياء دمشق التاريخية وأحد أحياء تلك الدولة والذي يحمل صفة التاريخي أيضاً، في معرض تحقيق الزميل أشار الى النظافة التي يشهدها سوق دمشق بينما الحي المقابل في الدولة العربية يعاني من تراكم القاذورات.. هنا قامت الساعة ولم تقعد حتى إن وزير السياحة في ذلك البلد تدخل واعتبر الصحفي السوري أنه أساء الى قاطرة الاقتصاد الوطني “السياحة” في ذلك البلد..
هو مثال سقناه لنؤكد أن الإعلام في معظم دول العالم لا يتمتع بالحرية وإنما هو موجه أساساً لخدمة أهدافها حتى لو مارس الكذب والتضليل..
باختصار نحن مع حرية الإعلام .. ولسنا مع الفوضى وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ..
من هنا يجب العمل على تنظيم هذا القطاع الذي دخل عنوة الى كل بيت.. وإجراء دورات توعوية بالتعاون بين وزارة الإعلام ووزارة الثقافة عبر ندوات ومحاضرات في المراكز الثقافية توضح حقوق وواجبات المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وصولاً الى تنظيم هذا الملف..
هناك كثير من المواطنين يمارسون دور الإعلامي من منازلهم عبر صفحاتهم الشخصية حتى وصلنا الى مرحلة ” الكل أصبح صحفياً ” .. ولكن في المقابل نجد أن هذا المواطن يقع في مطبات قانونية أو سلوكية ربما تكون عن عدم معرفة أو دراية بعواقبها القانونية..
الحل هو بتظيم وقوننة هذا القطاع وصولاً الى الاختصاص، فالطبيب مثلاً عليه أن يواكب تطورات الطب في العالم وكذلك المهندس.. يعني كل مواطن يمارس دوره على صفحته الشخصية وفق اختصاصه..
ليس من المعقول ولا المقبول أن مواطناً غير متخصص أو غير متعلم مثلاً أن ينتقد السياسة النقدية..
ربما هو يكتب ما نشره البعض ” قص – لصق” .. هذا الأمر ممكن أن يؤذي الاقتصاد الوطني ويؤثر في العملة الوطنية..
السوريون معروفون بانتمائهم وأصالتهم وحبهم لوطنهم .. من هنا يجب الدقة في طريقة التعاطي مع بعض الملفات وخاصة أن سورية تعاني الكثير بعد حرب إرهابية عالمية فرضت عليها منذ أكثر من “11 عاماً… و هي كانت في الأساس حرباً إعلامية..
من هنا يجب إدراك خطورة الإعلام ومعرفة التعاطي معه بما يساهم في خدمة القضايا الوطنية والاقتصادية..
هذه مسؤولية الجميع كل في موقعه.. مع عدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتي هي منتج غربي في الأساس لممارسة الغزو الفكري وممارسة التنصت ومعرفة أهواء الرأي العام في أي بلد لمعرفة نقاط ضعفه ليتمكن من الدخول والتخريب من خلالها..
على الملأ- شعبان أحمد