القارئ الشغوف.. متورّطٌ بحوارٍ صامتٍ تستفزّه الكلمات

 

الثورة – هفاف ميهوب:
يقودنا الكاتب والأديب الأرجنتيني “ألبرتو مانغويل” في كتابه “يوميات القراءة”، إلى عوالمٍ من الملاحظات والأحداث والانطباعات التي استمدّها من قراءاته المتعدّدة، وسواء في الآداب العالمية، أو في الحياة التي وجدها تشكّل مع الكتب التي يقرأها، عالماً غير قابل للانفصال، ولاسيما لدى قارئٍ شغوف بالكتب.
إنها اليوميات التي قرّر تدوينها، عندما كان يقرأ “تجاذبات انتقائية” لـ “غوته” خلال سفرٍ صُدِم فيه، بمقدار ما عكست هذه الرواية الفوضى الاجتماعية للعالم الذي يعيشه، ومقدار ما ألهمته وأغنت مخزونه الثقافي، مقاطع كثيرة فيها، بل وحتى كلمات جعلته يفكّر بها طويلاً فيكرّرها ويحفظها..
لفته ذلك، فقرّر أن يعيد قراءة كتابٍ كل شهر، وأن يدون يوميات ما يقرأه، ليكون ما توصّل إليه، هو أن “القراءة مثل التنفس، ووظيفة حيوية أساسية”، وبأنها عبارة عن “ابتلاءٍ يشبه ابتلاء المجانين بحوارٍ وهمي، يتردّد صداه في مكانٍ ما في أذهانهم. ذلك أن القرّاء قد يتورّطون أيضاً، بحوارٍ مشابه يستفزّهم بصمتٍ من خلال الكلمات التي على الصفحة”…
توصّل “مانغويل” إلى ذلك، بعد أن قرأ العديد من الكتب القديمة والقيّمة والمفضّلة، وقد اعترف بأنه دُهش وهو يلاحظ كيف تبدو هذه العوالم المتراكمة من الماضي، انعكاساً للفوضى السوداوية التي يعيشها عالمنا الحاضر..
أما أولى ملاحظاته، فشعوره بأن مايفعله “فعل مريع، منعزل، هادئ وحسّي، وبأنه كقارئٍ يسافر إلى مدنٍ مختلفة.. مدنٌ وإن كان قد سافر إليها من قبل، إلا أنه هذه المرّة يتأمّلها بدقة أكبر، وبشغفٍ في التنقل ما بينها بسرعةٍ سببها، رغبته القوية بأن يعود إلى منزله، في القرية الفرنسية الصغيرة، حيث كتبه وعمله..
كان يشعر بأنه كمن يوقظ الحياة في الكلمات، فتتفتّح عينيه مع كلّ كلمة يقرأها، ويُزال الغموض وتتحوّل يديه إلى منبّه، يوقظ الأعماق ويُطلقها..
قرأ الكثير، وفي كلّ البلدان التي زارها، وكلّ الأمكنة التي اضطرّ للتواجد فيها، أو تقصّد اختيارها، ودون أن يكتفي بتدوين مالاحظه لدى أدباء ومفكرين عالميين، تركوا أعمالاً هامة ومُلهمة، بل وما كان يفعله أو يشعره، أو حتى يلفته، وسواء كان خاصاً أو عاماً، أو يتعلّق بمناسبة أو حدث أو ذكرى ما…
كلّ هذه القراءات، لم تؤثّر في خبرته الحياتية فقط، بل والإبداعية، ذلك أنه الكاتب والقارئ معاً، ومثلما يريد الكاتب أن يترك بصمة لدى قارئه، يريد القارئ من الكاتب، ألا ينسى أن “ما يجعل الشخصيات باقية على قيد الحياة، أمرٌ يعتمد على وجودنا كقرّاء.. على فضولنا.. رغبتنا ودهشتنا، كما لو أن قدرتنا الخاصة على الحب، قد خُلقت من كلماتِ شخص المحبوب..”..

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار