الرغبة في الحرب!

حتى الآن من الواضح أن الولايات المتحدة الأميركية، والناتو، لا تتوافر لديهما الرغبة في ملاقاة روسيا في منتصف الطريق، ومن الواضح أيضاً أنه إذا كانت الرغبة في الحرب متوافرة لدى واشنطن، فإن الصورة مختلفة في أوروبا، أي لدى شركاء الولايات المتحدة بالناتو – بل ربما أهم ما يشغل القارة العجوز بهذه الأثناء هو الخوف من أن يؤدي النزاع في أوكرانيا ليس فقط إلى تقسيم هذا البلد، وإنما من أن يؤدي إلى حدوث انقسامات أوروبية خطيرة.

أميركا صنعت فتيل التوتر والتفجير، وتذهب في بياناتها إلى أقصى حدود التحشيد والتعبئة والتحريض، ترغب في الحرب، وتخشاها، تدفع بالآخرين إلى ميدانها لتوريطهم، ثم تقيم في منطقة بين الإحجام والإقدام، لتحقيق غاياتها، لا من أجل ما تكذب بادعائه من أنها حريصة على أمن حلفائها في الغرب.

مع رد واشنطن على رسالة الضمانات الروسية الذي لا يعد مقبولاً، إذ إنه لا يضيف جديداً. مع حماسة بريطانيا وألمانيا بإرسال السلاح إلى أوكرانيا، ومع ميل فرنسا لمفاوضات أخرى تغير في انسداد الأفق وتفتح على حلول ممكنة، لا يحتاج الأمر إلى الفطنة لاستنتاج يوضح حقيقة التلاعب الأميركي، ومحاولة واشنطن تسجيل خطوة إلى الأمام، تتحقق حالياً بإرسال أسلحة لا تقليدية إلى أوكرانيا ودول الناتو المتاخمة.

بين الرغبة في الحرب، والاستنزاف الحاصل بقرع طبولها والتهديد بها، تمكن واشنطن وجودها في أوكرانيا وسواها، ليتحول ذلك لاحقاً إلى احتلال غير مباشر، وإلى إشغال مستمر لروسيا يستنزفها، يضعفها، يضغط عليها، ويجبرها ربما على قبول ما لا تقبله لجهة إجراء مقايضات مع أميركا في قضايا وملفات أخرى دولية وإقليمية.

البيانات الأميركية بالتحذير من السفر إلى أوكرانيا، وبإجلاء أسر الدبلوماسيين، فضلاً عن الإيحاء بأن الحرب وشيكة الوقوع، تؤكد أن الولايات المتحدة انتقلت إلى خطة جديدة فيها ما فيها من توزيع للأدوار، وتنطوي على احتمالات الحاجة لتطويرها نحو تصعيد الموقف بافتعال استفزازات قد تكون البداية لمنزلقات خطيرة.

هل يغيب هذا عن موسكو؟ أم يغيب عن واشنطن أنها هي أول وأكبر المتضررين من إحباط كل ما تقدم؟ ذلك أن كل المؤشرات تؤكد قدرة روسيا على إفشال المخططات الأميركية وليس إحباطها فقط، بل ربما تتمكن موسكو من الحصول على ما لا تتوقعه بروكسل ولندن وواشنطن مجتمعة.

الرغبة في الحرب لا تكفي كي يقال إنها وشيكة، والتلويح بها لا يكفي لتتحقق بعض الأهداف، وإن الاشتباك الخشن، والصدام المباشر، الذي يتوقعه البعض تردعه في الواقع القوة النووية لدى الجانبين، إذ لا تبدو واشنطن جاهزة أو مضطرة لهذا الخيار لطالما توافر لها الكثير من الأدوات التي تستخدمها هنا وهناك.

المعركة في أوكرانيا طويلة، وإذا كانت موسكو لا تصدق كلمة تقولها إدارة جو بايدن، ولا تثق بموقف لها أو ادعاء، ولا ترى قيمة سياسية لردها على رسالة الضمانات، فإن على بقية الشركاء في القارة العجوز ألا يذهبوا بعيداً في تقديراتهم، بل ربما يقع عليهم واجب عدم إساءة تقييم الموقف، والقيام على التوازي بتفقد الخيارات الأخرى المتاحة، باتجاه التراجع أو باتجاه وعي المخاطر، والتصالح مع واقع آخر.

معاً على الطريق – علي نصر الله

آخر الأخبار
الفيدرالية في سوريا.. وصفة فاشلة "الكونغرس" يستعد لعقد جلسة استثنائية بشأن إلغاء "قانون قيصر" الشهادات العامة بحلّة جديدة.. نموذج حديث مع ميزة التحقق عبر QR "حكي من القلب".. دعم نفسي يفتح أبواب الحوار وبناء الثقة بالذات حين تتحول صناعة "القش" إلى فن.. والإبداع إلى حكاية هل يصبح لدينا وزارة للتدريب؟ الظروف تكشف عورة عمل (لانا).. شروطه لاتُمس والمماطلة تتواصل ! رفع أسعار الإنترنت عبء جديد يثقل كاهل المواطنين ويفاقم العزلة الرقمية الاعتداء على أي كادر تعليمي.. أزمة أخلاق أم ضعف قانون؟  احتباس الأمطار.. يهدد البيئة والفلاح ويغلق نوافذ الإنتاج ضمانات المستثمر.. "مفتاح" جذب رؤوس الأموال إلى سوريا " نهفة".. في خيوطها ألف حكاية سورية    لقاء سوري – فرنسي..   الشيباني يبحث مع مستشارة ماكرون قضايا سياسية    الأولى منذ التحرير.. وزير الخارجية الشيباني يتوجه إلى الصين  ارتفاع أسعار مدخلات إنتاج الفروج    انخفاض أسعار الفروج.. "الدواجن" تحذر من خسائر وتطالب بضبط التهريب الهروب من غلاء الكهرباء إلى الطاقة.. استثمار يعادل فواتير أربع سنوات     الكلاب الضالة تجوب شوارع جنوب دمشق بحرية.. !   خطط ترميم المدارس المدمَّرة... أعمال كبيرة ونتائج متواضعة   243 طالباً وطالبة من اللاذقية يخوضون منافسات الأولمبياد العلمي السوري