إعادة هيكلة الدعم أو تنظيمه أو ترشيده أو أي تسمية أخرى لها هدف واحد ومحدد، بحيث يصل هذا الدعم إلى من يستحقه من الشرائح الإجتماعية الفقيرة، ومنع التلاعب به وسرقته وهدره، وهذا يجمع عليه الناس بالغالبية المطلقة، بل هو مطلب أساسي لهم منذ زمن، وإعادة النظر في الآليات المتبعه حالياً لتوزيع الدعم هو بالأساس ضرورة وحاجة ماسة جداً خصوصاً في ظل الحرب القذرة التي تشن على الوطن.
هذه الحالة الضرورية جداً والحساسة جداً تستلزم دراسات وبيانات دقيقة جداً جداً، ومعايير أكثر دقة وموضوعية وواقعية في تحديد الفئات والشرائح الإجتماعية التي تحتاج الدعم فعلياً وفي مقدمة هؤلاء وباعتراف الحكومة نفسها يأتي أصحاب الدخل المحدود والمتقاعدون والموظفون الذين هم على رأس عملهم في أول قائمة هذه الشرائح، وبالتالي لا بد من أخذ هذه العينة بعين الاعتبار وإنصافها، لاسيما وأنها تشكل نسبة كبيرة لها خصوصيتها في العمل ومجالات الحياة وظروفها وأحوالها لا تحتاج إلى كثير من الدراسات والبيانات والإحصاءات، وهذا ما يفترض بأصحاب القرار الإنتباه إليه وإعطائه الأولوية والإهتمام قبل صدور أي قرار يتعلق بالدعم وإجراءاته.
إن إعادة هيكلة الدعم لا يعني أبداً إلغائه أو التخلي عنه بل هو مستمر وثابت في السياسة الحكومية، كما أنه لا يتوقف على بعض المواد والسلع كالخبز والمشتقات النفطية والغاز وغيرها بل هو موجود في الصحة والتعليم والصناعة والزراعة والنقل والاقتصاد وغير ذلك تستفيد منه جميع الفئات الإجتماعية، كما أن الشرائح التي يتم استبعادها فيمكنها الحصول على المواد والسلع بالسعر الحر وليس بسعر التكلفة وهذا في الشكل والمضمون ومن حيث المبدأ والمنطق صحيح وسليم فيما إذا تمكنا من تحديد الفئات المستبعدة وتلك التي هي فعلياً بحاجة إلى الدعم ومن هنا يأتي التخوف من أن تكون المعايير والموازين المتبعة والبيانات والوقائع غير موضوعية، بحيث يقع الخطأ وتظلم فئات هي بأمس الحاجة.
إن الجدل الواسع والكبير الذي يأخذ نقاشات وحوارات حادة في جوانب كثيرة منها، وما يدور من أحاديث بين الناس ويثير جدلاً لافتاً هو بند استبعاد شريحة من يمتلك سيارة سعة 1500 فما فوق موديل العام 2008 وما بعد، وهذا فعلياً يحتاج إلى دراسة ورؤية اجتماعية واقتصادية وحتى إنسانية لاسيما وأن جميع الموظفين والمتقاعدين هم من أصحاب الدخل المحدود وتمكنوا من الحصول على السيارة قبل فترة الأزمة عن طريق قروض أو باعوا بعض مدخراتهم أو قطعة أرض أو ما شابه ومنهم أصبحوا جرحى حرب وعائلات شهداء ومعاقين وما إلى ذلك.
إعادة الدعم وتصويبه وتحديد مساره الصحيح وهيكلته ليس فقط حاجة أو ضرورة بل أولوية حيوية ومن أهم الخطوات التي يجب العمل عليها وتنفيذها، وهي نقلة نوعية هامة جداً وواجبة ومطلوبة فيما لو أحسن التعامل مع جوانبها كافة وتحديد فئاتها بدقة وموضوعية.
حديث الناس – هزاع عساف