عقلنة التفكير بقضايا مصيرية، مسألة لا ترتبط بشخص ولا بزمن.. بل هي حالة متجددة يجب أن نستوعبها باستمرار ونقدم لها حساسات مجتمعية لاقطة من نوع خاص.. نستقرأ من خلالها جملة معطيات وإجراءات لابد من تنفيذها ولو بعد حين.
فما طرأ من تغيرات قاهرة على بنية المجتمع السوري خلال السنوات العشر العجاف من حرب عدوانية طاحنة ساهمت إلى حد كبير في إفراز ويلات منشطرة في كل الاتجاهات أثرت سلبا في كل مفاصل العمل، فمن عمليات النهب والسرقة والتخريب والتدمير لمقدرات الدولة واستنزافها، ناهيك عن الحصار الاقتصادي الظالم بحق الشعب السوري، مع استغلال فئة المنتفعين لظروف الفوضى والعوز، ما راكم حجم التحديات وزيادة الأعباء الجسام على مقدرات الدولة وأصحاب القرار.
ولطالما لم تتخلَّ الدولة يوماً عن مسؤولياتها وواجباتها تجاه مواطنيها، حيث مازالت الرعاية الأبوية للدولة قائمة بصور شتى من الدعم في التربية والتعليم والصحة والخدمات المختلفة من نقل وتأمين مستلزمات الزراعة والري والمواد الأساسية المدعومة وغيرها، وهذه المسائل جميعها قل أن تتبناه دولة في العالم وتستمر فيه طوال سنوات الحرب على الأقل.
فما تقدم هو نهج إستراتيجي للدولة السورية لم تبخل به يوماً، لكن ما تغير هو إجراء عملية فلترة لكيفية توجيه الدعم لمستحقية الفعليين اليوم أكثر من غيرهم، مع قلة الموارد وشح مصادر الدعم التي كانت ترفد الخزينة العامة.
والقضية هنا ليس التمييز بين شرائح وأخرى بقدر ما هي تنطوي على تأمين حاجات الشرائح الأكثر احتياجاً وفقراً في مساحة إدارة الموارد التي تحولت في معظمها من فوائض كانت ترمم كل وجع اقتصادي واجتماعي إلى موارد قليلة بفعل سرقة الاحتلالين الأميركي والتركي وعملائهما لطاقات الوطن الإستراتيجية.
وما توجيه الدعم الى مستحقيه واستبعاد البعض منه لقدرتهم على موازنة أمورهم إلا حاجة وضرورة لابد منها، وهي خطوة صحيحة وسليمة تتخذها الدولة، توقف من خلالها أساليب التلاعب والفساد والحد من الهدر واللامبالاة وتحسين الوضع المعيشي بإطارها العام.
عين المجتمع – غصون سليمان