الملحق الثقافي:سعاد زاهر:
إن لم نعثر عليها، ربما علينا اختراعها، شائبة ما، تعيننا على معرفة عدم اكتمال الحياة بدونها…حين عثرت على الكثير من الأعشاب الصفراء اليابسة واسترعى انتباهها كم تبدو المزروعات قربها خضراء بشكل مذهل، فكرت بتلك الشوائب..!
لم تحاول انتزاعها تركتها وقتاً أطول حتى يكتمل اصفرارها، وفعلاً حين عادت بعد حين بدا منظرها ضمن كل هذا الاخضرار مثيراً للإعجاب، ولولا أنها مضطرة لانتزاعها لتركتها رغم أنها عملياً مجرد أغصان يابسة لا روح لها، ولكنها تبرز كل هذا الجمال المحيط بها..!
استغربت الكمية الكبيرة التي حصلت عليها، حاولت حزمها بطريقة تسهل عليها حملها، وضعتها على متن الدراجة الهوائية، دقائق قليلة أصبحت ضمن منزلها وسارعت إلى وضع بعضها في مدفأة الحطب، كل يوم وهي في هذا المكان البعيد كلياً عن ضوضاء المدينة، تكتشف قواها الخفية..
لطالما آمنت فيما سبق أنها لا تقوى على العيش سوى في الأوقات الصيفية،حيث نزهتها الوحيدة تنحصر في الذهاب الى البحر، بملابس خفيفة استعداد للسباحة في أي وقت، ولكنها في هذا المكان الشديد البرودة المنعزل، بدأت تفهم أسرار أخرى في شخصيتها، وبدأت تندم على كل المسلمات التي أيقنتها يوماً، وجعلتها عاجزة حتى عن القفز من أمتار قليلة..
حين كان لابد من الهرب من تلك الحرائق المتعمدة التي اشتعلت هنا وهناك، وها هي تدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تلك الحروق التي أصيبت بها حينها، ماهي إلا علامات أو شائبة لتظهر جمالية أخرى في محيط قلما يعترف بأهمية الشوائب، هو يحاصر أولئك البشر الذين يفكرون بنيل الرضى والتخلص من شوائبهم الطارئة أو المقيمة.
التاريخ: الثلاثاء1-2-2022
رقم العدد :1081