حبر أخضر..يوم حاور الملحق الثقافي آرثرميللر الكتابة شكل يحدث فيه كل شيء.. ومأساة أميركا تبذير الحياة

الملحق الثقافي:

 أن يكتشف الإنسان أنه كاتب شيء، لكن أن يكتشف أنه كاتب مسرحي إنما هو شيء آخر كيف اكتشفت نفسك؟
  أستطيع أن أجيبك عن هذا السؤال بدقة تامة كنت طالباً في جامعة ميتشيغن، وكان ذلك في سنة 1935 كما أعتقد، كنا في عطلة تدوم أسبوعاً كاملاً، وكانت الجامعة خالية، فجميع الطلاب ذهبوا إلى بيوتهم. كنت في السنة الجامعية الأولى، لكنني عملت قبل ذلك سائق سيارة مدة ثلاث سنوات، واشتغلت في معمل صغير كذلك عملت خادماً، وكان علي أن أوفر المال لأتمكن من متابعة الدراسة وفي هذه العطلة، ظننت أنني أقدر أن أجرب، أن أكتب مسرحية.
 حاولت ذلك كتجريب..
  نعم لكن كانت الجامعة تهيئ كل سنة مسابقة للطلاب في المقالة والشعر والمسرح وغيرها، وتمنح جوائز للفائزين الأول. وكان الطلاب يشتركون فيها، وفي نهاية السنة الجامعية توزع الجوائز والمكافآت المالية. وكانت تلك الفترة صعبة اقتصادياً بالنسبة إلى البلاد كلها، ولم يكن معي مال أبداً وكان الحصول على المال حافزاً إضافياً.
هكذا كتبت مسرحية في مدة خمسة أيام ولم أكن أعرف كيف تكتب المسرحية.
 لماذا اخترت هذه الطريقة من التعبير الكتابة المسرحية؟
  أظن أن هذا حدث تلقائياً، غريزياً فلم أكن أعرف المسرح، إلا عرضاً، ولم أدخله إلا ثلاث مرات، ولم أكن أفقه شيئاً من أصوله، ولم أقابل أبداً أي ممثل لكن، كان في البيت الذي استأجرت غرفة فيه شاب يصنع الملابس لمسرح الجامعة وحين استأجرت الغرفة كان قد مرت علي ثلاثة أيام في كتابة المسرحية واذكر أنني سألته: « كم تدوم المسرحية؟» فأجابني: «تدوم ساعتين تقريباً « حينذاك دبرت ساعة يدوية، وقرأت المسرحية التي كتبتها، فاستمرت حوالي الساعتين.
 هكذا، مباشرة؟
  نعم وفزت بالجائزة على هذه المسرحية، وبهذه المسرحية نفسها، حصلت على خمس أو ست جوائز.
 هل نشرت هذه المسرحية؟
  لا.
 لم تكن إلا مشروعاً تجريبياً؟
  لاشيء أكثر من ذلك.
 وبعد هذه المسرحية؟
  بعدها، أخذت أكتب مسرحية كل سنة.
 كنت مسروراً بذلك؟
  كنت أرى ذلك مدهشاً، كما لو أنني أذهب للتريض، كنت أشعر أن كتابة مسرحية إنما هي نوع من الرياضة.
 هل مثلت؟
  نعم، في مسرح جامعة ميتشيغن، وفي ديترويت وفي شيكاغو.
 كيف كان شعورك حين سمعت كلماتك تخرج من أفواه الممثلين؟
  شعرت أن هذه الطريقة الكتابية هي الأكثر جمالاً وإدهاشاً، ذلك أن كتابة المسرحية هي، جوهرياً شكل شفوي للكتابة. أنها للأذن وليست للعين.
 هناك آلات كتابة للعين..
  هذا خطأ.
 ربما. لكن، سنعود إلى هذه المسألة.
  طبعاً يمكن أن نكتب أيضاً للعين، لكن الكتابة هي قبل كل شيء ، للأذن. كتابة شكسبير موسيقا.
طبعاً ، يمكن أن نقرأ الموسيقا، غير أنها لاتجدي إذا لم نقدر أن نسمعها.
 في مسرحيتك «موت بائع متجول» تغيير في الشكل، هل شعرت بالحاجة إلى هذا التغيير؟
  أوه، نعم بوعي كامل.
 لماذا؟
  لأنني أردت أن أكتب مسرحية أعبر فيها عن شعوري بالماضي.. وكان مستحيلاً علي أن أعبر عن هذا الشعور بشكل كلاسيكي واقعي، أي أن أجعل الماضي حياً كالحاضر، أن يتعايشا معاً إن مفهوم الزمن، كما أراه، هو الذي فرض، أساسياً، شكل المسرحية:
الكتابة شكل يحدث فيه كل شيء في وقت واحد، بحيث يرى الجمهور شيئاً فشيئاً، أربعون سنة مضت إضافة إلى اللحظة الحاضرة لا بشكل منفصل، بل بشكل متصل، معا، هكذا أرى الناس، في جميع الحالات.
أرى الناس كالأطفال. الشيوخ أنفسهم أطفال، والشبان أطفال، وجميعهم في صراع مستمر مع الماضي دائماً، التاريخ مهم جداً تاريخ كل بلد، تاريخ كل شخص.
 غير أن هذا كله عائد إلى كونك ثورياً، أعني…
  هذا عائد، في بعض نواحيه، إلى شعوري، بأننا لانقدر أن نفهم شيئاً إلا بالقياس إلى المجتمع، وبالعلاقة معه والمجتمع هو ـ قبل كل شيء ـ تعبير من تعبيرات التاريخ. لاتقدر أن تفهم أميركا اليوم إذا لم تكن تعرفها منذ عشر سنوات، عشرين سنة، ثلاثين سنة. وإذا كنت سليمان تستطيع أن تفهم كل شيء في وقت واحد.
 هذا ماكشفت عنه مسرحية « موت بائع متجول»..
  تعرفون أن ايبسن حاول الشيء نفسه. كذلك شكسبير والآخرون. لكن هناك طرقاً مختلفة لهذه المحاولة الواحدة. ولقد أردت، من جهتي، أن يحدث ذلك تماماً أمام المشاهد، لا كلامياً ، بل حدثياً الآن.
 كان ذلك تغييراً ثورياً ـ فيما يتعلق بالممثلين أيضاً. اخذوا يمثلون في الحاضر، وفي أبعاد التاريخ. وكان ذلك صعباً عليهم، دون شك.
  كان صعباً جداً، كان التمثيل شبيهاً بعزف قطعة موسيقية لسترافنسكي: حيث يجب على العازف أن يكون هنا وهناك في لحظة واحدة، ومن هنا يجب أن يكون الممثلون بارعين جداً. ويجب أن تكون قدرتهم على التركيز ضخمة جداً.
 هل حلمت حقاً أن تكون كاتباً مسرحياً؟
  تقصد في بداية كتابتي؟
 نعم.
  كلا، أبداً كنت أحلم أن أكون مغنياً، كان صوتي جميلاً. لكن، كان يلزمني تدريب طويل وكان هناك مغنون كثيرون، وكانوا أفضل مني.
 أنت تمتلك ميزة ، بالغة الأهمية بالنسبة إلى الكاتب المسرحي هي روح الدعابة أو السخرية الخفيفة وهي تبدو في موت (بائع متجول) بشكل غير منظور تقريباً، لكنها واضحة جداً في المسرحيات التي تلتها، حيث تتخذ، على الأكثر طابعاً نبيلاً.
  كنت في الخامسة عشرة حين كتبت أولى محاولاتي. كنت في مرحلة الدراسة الثانوية وأعيش مع والدي.كان في ذلك الوقت شخص معروف يتحدث في الإذاعة عن الأحداث في العالم: في بريطانيا، في فرنسا وغيرهما. كان يتحدث عن الثورات وعن مختلف القضايا، بنبرة حذلقة وتفخيم. وكان الناس كلهم يصغون إلى برامجه، بينما كنت أنا شخصياً، أجدها تافهة غبية.
وكان الفقر، في ذلك الوقت، يسود مدينة نيويورك، فقد كان الوضع الاقتصادي بالغ التدهور. وكان في الإذاعة برنامج للهواة يقدر فيه كل هاو، بحسب هوايته، أن يغني أو يعزف، وكانت هناك مسابقة أسبوعية بينهم، وكان الفائز يحظى ببعض الدولارات. وأحياناً تستخدم بعض المسارح ليلة أو ليلتين. في هذا الجو كتبت مسرحية ساخرة عن هذا المذيع، وكانت مضحكة جداً وقد قرأتها أمام المسؤولين في الإذاعة، وقرأتها لمدير البرنامج نفسه، فاعجبوا بها جميعاً. وقد أخذوها مني ووعدوا أن يتصلوا بي. لكنهم لم يتصلوا أبداً وبعد شهرين أو ثلاثة، فيما كنت أصغي مساء إلى الإذاعة، سمعت ذلك الكوميدي المذيع يقرأ مسرحيتي.
لقد سرقوها مني. هذه كانت بدايتي في الكتابة المسرحية.
الالتزام.. في حياة بلا أمل
 لكنك بدأت كاتباً ملتزماً في مسرحية « جميع أبنائي» في المشكلات التي واجهتها بعد هذه البداية الملتزمة؟
  مما لاشك فيه أن التعبير اليوم أكثر صعوبة وتعقيداً منه في ذلك الوقت. ذلك أن المجتمع اليوم هو أكثر تعقيداً منه في ذلك الوقت. والصعوبة الأساسية هي في العثور على أمل ما، أو على رمز للأمل. كان يتهددنا، في ذلك الوقت، خطر النازية والفاشية، وكنا نجسد الشر في هذا الرمز. أما أن نجد اليوم مثل هذا الرمز فأمر أكثر صعوبة. ومن الصعب جداً أن نقول بجملة واحدة: ماهذه المشكلات ذلك أنها كثيرة. وأظن أن هذه البلاد هي في حالة من التطور غير عادية . أنها تتغير بسرعة كبيرة.
 في أي منحى؟
  لايستطيع أحد أن يعرف ومن يظن أنه يعرف إنما هو إنسان أخرق، أحياناً أخشى أن يكون هذا التغير في اتجاه اليمين المتطرف، وأحياناً أشعر أننا اليوم أكثر حرية منا في أي مرحلة تاريخية، من المراحل التي أعرفها، على الأقل.
 تظن أنكم الآن تتمتعون بقسط أكبر من الحرية؟
  نعم، بلا شك.. لكن سلطة المؤسسات الاقتصادية السياسية الاجتماعية هي اليوم في الوقت نفسه، أكثر نفوذاً من ذي قبل.
 تلك هي المشكلة.
  الواقع أن هذه هي المشكلة. فأن يكون أحدنا اليوم، مستقلاً عن هذه المؤسسات الكبرى، أمر أشد صعوبة منه في الماضي، إن رقابتها اليوم أكثر اتساعاً، لكن موقف الأفراد هو، في الوقت نفسه، أكثر تحررية إنهم لا يخضعون بسرعة، إنهم شكاكون حذرون، لا يصدقون بسرعة.
 هذا ما يدفعنا للعودة قليلاً إلى مسألة الالتزام، أظن أنك ما تزال ملتزماً إزاء البشرية، عامة والشعب الأميركي خاصة
  نعم، نعم لكن في الماضي كنا نقدر أن نتعرف على العدو بشكل واضح ولهذا كان من السهل أن نصفه أما الآن ; ربما أستطيع أن أعبر عن ذلك بالشكل التالي: اليأس زي في الغرب فالحياة هي جوهرياً بلا أمل وليس هناك حل. وأعتقد أن هذا صحيح لكنني لا أستطيع أن أقبله.
 طبعاً.
  لهذا علي أن أتفحص ذلك الجانب الآخر من الإنسان، حيث تكمن مقاومته – مقاومته البيولوجية. وإنها لمعجزة بالنسبة إلي أن يستمر الإنسان والنوع الإنساني في التوكيد على أنهما يجب أن يستمرا في الحياة.
 نعم هذه معجزة.
  ويهمني كثيراً أن أفرز هذه المعجزة واتحدث عنها.
الكتابة والآلة
 هل تظن في ضوء ما قلته الآن أن للكاتب الأميركي دوراً إيجابياً؟
  أظن أن دور الكاتب هو.. لكن يصعب علينا أن نعزل تجربتنا أن نحميها من السينما والتلفزيون والإذاعة، أن نحتفظ برؤيانا (لا بالمعنى النبوي بل بمعنى الرؤية) نقية. لكن، منذ أن تصل هذه الرؤيا إلى الجمهور، فإنه يعترف بها. كان الناس، في أيام شبابي، يذهبون إلى السينما مرة، كل شهر، وكانوا يسمعون الإذاعة ولا شيء آخر كانوا يجلسون في بيوتهم ويتحدثون ويتزاورون.
 واليوم لم يعد الوقت للكلام أو للزيارة..
  وإنهم اليوم مواطنون في عالم الآلات التي تعلمهم ليل نهار، كيف يجب أن يفكروا وأن يشعروا وأن يعملوا. لابد من أن ندافع عن أنفسنا ضد هذا الوضع ضد الزي والرائج. والدفاع اليوم أشد صعوبة لكنني اعتقد أنه ممكن وتلزمنا قوة هائلة للقيام بهذا الدفاع.
 بهذا المعنى، يمكن القول إن الكتب الرائجة هي نتاج هذا الزي، وليست آثاراً أدبية..
  صحيح لكن بين وقت وآخر قد يكون واحد من هذه الكتب الرائجة، كتاباً جيداً تذكر أننا مئتا مليون نسمة، وأن الكتاب الأكثر رواجاً لا يتجاوز عدد النسخ التي تباع منه مئة وخمسين ألفاً.
 عدد قليل بالقياس إلى عدد السكان وإذا كان هذا حال الكتب مع الآلات، فما يكون حال المسرح؟ يخيل إلي أن المسرح في العالم يموت، إن هذه الآلات تطغى عليه وتخنقه.
  تماماً. حين بدأت الكتابة المسرحية لم يكن هناك مسرح إلا في برودواي بنيويورك ومع هذا كان عدد المسرحيات أكثر منه اليوم. أما الآن فالمسارح في كل مكان.
 وقل بالمقابل عدد المسرحيات
  قل عددها وكثرت الأمكنة التي يمكن التمثيل فيها هذا تناقض غريب. فالمسارح اليوم أكثر صعوبة وهي موجودة بكثرة في شيكاغو وسانت لويس ولوس انجلوس وتكساس.
 كنت أشير إلى المسرح في العالم.
  أن عدد الكتاب المسرحيين المعروفين أقل اليوم منه في العشرينيات والثلاثينيات حين كان المسرح طريقة رائجة في التعبير.
ابتكارات، أبعاد جديدة…
 لكنك تبقى كاتباً طليعياً على طريقتك.
  اعتقد أن العمل الأكثر طليعية هو محاولة أن تفهم هذه الكارثة الهائلة التي تهدد العالم كله. تلك هي الطليعية.
ثم إنني أعتقد أن التقنية الفنية لا تكمن في المسرحية أو في النقد، وإنما تكمن في طبيعة المفارقة. أي في التناقض الخفي الذي أواجهه ككاتب، ومن هنا كانت لمسرحياتي أشكال متباينة أستطيع أن أكتب مسرحية تاريخية في شكل مختلف كلياً عن مسرحية غيرها إن مسرحيتي الجديدة مختلفة كذلك في شكلها فهي قائمة على اكتشاف الصوت الخفي لتلك المفارقة إنها أحياناً تجريرية، وأحياناً واقعية، ولم لا؟ فبعد مئة سنة – إن استمر المسرح – لن يمثل الناس مسرحية إلا إذا كانت تتحدث معهم، لقد مر على بعض مسرحياتي ربع قرن فهي مسرحيات قديمة، لكن ما تزال تمثل حتى الآن. ولا يتذكر أحد أنني في «موت بائع متجول» ابتكرت شكلاً جديداً حقاً ، طبعاً لست كابتكار أديسون لكن ما من أحد يتذكر ذلك وربما كان ذلك أفضل.
 ما يزال للكلمة في بلداننا تأثير قوي ودور الكاتب في المجتمع مسألة مهمة تعنينا جميعاً هل تظن أن للكاتب الأميركي دوراً مشابهاً؟
  ربما لا، فالمسألة عندنا مختلفة نحن لا نعتقد أن الكاتب قائد اجتماعي ليس له هذا الدور هنا أو في بريطانيا قد يكون ذلك نتيجة للثقافة الاتكلوسكسونية فهذه نقيض الثقافة الذهنية – العقلية، والناس هنا لا يريدون أن يزعجهم أحد بمثل هذه الأمور أما في البلدان الشرقية، في روسيا وبولونيا وهنغاريا وحتى في فرنسا وفي أوروبا كلها فإن الأمر مختلف فالكاتب في هذه البلدان قائد اجتماعي وكان دائماً قائداً اجتماعياً أما عندنا فلا شيء من هذا القبيل أبداً.
 ألم تكن أنت، مثلاً، في التزامك قائداً اجتماعياً؟
  لست مثلاً صالحاً ولا مثلاً شائعاً، ذلك أنني أوروبي في بعض نواحي تفكيري وحياتي وفي هذا الصدد لست وحيداً فهناك عدد آخر من الكتاب لكنهم أقلية ولا يصحون أمثلة.
الشبان والالتزام
 هل تستطيع إذاً أن تقول لنا رأيك في الأسباب التي تقود الكتاب الشبان إلى أن يكونوا غير ملتزمين؟
  ذلك عائد في رأيي إلى أن جميع القضايا التي كانت تشكل محوراً لالتزامهم أو حافزاً له قد انهارت أو أصبحت موضع اتهام لكن هذا الموقف هو، بشكل خاص، موقف سطحي أكثر مما هو وليد فهم للأحداث: إنهم لا يرفضون الالتزام لأنهم يفهمون الوضع وإنما يرفضونه لأنهم لا يفهمون هذا الوضع إن في الأدب الانكلوسكسوني في هذا القرن العشرين انفصالاً بين الحياة الاقتصادية والحياة السياسية كذلك هناك انفصال بينهما وبين علم النفس وعلم الجمال واللغة، فكأنه لا علاقة لهذه العلوم، بالسياسة أو بالاقتصاد وهذا ما أدى إلى أن الكاتب حين يتحدث عن السياسة فإن القراء يشكون في أنه يريد تسييسهم وفي أنه لا يقول الحقيقة في حين أنهم يجابهون باستمرار مشكلات سياسية واقتصادية.
 لكن ألا تعتقد أن هذا عائد إلى أن الكاتب لا يقوم بدوره لا ينقد النظام ومؤسساته..
  بلا شك – فلو أن الكاتب الأميركي يهاجم النظام السائد في الحياة والفكر لكان الجمهور يستجيب له لكنه يكتب كما لو أنه يعيش في متحف – إن هذا مرتبط بتكوين كل كاتب حين كنت شاباً كنا نواجه أزمة خطيرة هنا كنا نتساءل هل تصبح بلادنا اشتراكية أو فاشية أو بين بين، وكنا نعرف أن علينا أن نختار هذا النوع من التكوين والاختيار يبدو اليوم غريباً، عندنا وها هو النظام يستمر والعاطلون عن العمل يتراوحون بين ١٠ – ١٥٪ لكن ما من أحد يتذمر أو يشكو.
 أين تكمن في رأيك المأساة في الحياة الأميركية اليوم؟
  في التبذير تبذير الأشخاص والمواهب والطاقات تبذير الحياة بسبب الأمراض العصبية والمخدرات هنا تكمن المأساة.
 هل هذه مأساة فردية أم أنها جماعية؟
  لقد فقدت البلاد كما يبدو الحس برسالتها فهي إما انها بلا هدف وإما أن هدفها عام جداً ليس فيه شيء ملموس الناس لا يريدون الوقوع في كارثة اقتصادية انهم يعرفون ما لا يريدونه لكن ليست لديهم فكرة إيجابية عما يريدونه.
العالم الثالث والمستقبل..
 إن للعالم الثالث كما يبدو هدفاً أنه قديم حقاً لكنه في الوقت نفسه جديد كيف تنظر ككاتب أميركي إلى هذا العالم؟
  إذا كنا قادرين على التفكير بمصير واحد مشترك للعالم فإن هناك فكرة يمكن كما اعتقد قبولها وهي أنه ينبغي أن يكون لكل شعب نصيب متساو من الخيرات العامة المشتركة. ولا اعتقد أن هناك شعباً في العالم يرضى بأن يكون دون غيره وأنا شخصياً اتمنى أن يصبح العالم الثالث عالماً مزدهراً متطوراً أما السبب الذي يحول دون أن يثير تطور هذا العالم ردود فعل عندنا أكثر أهمية فعائد إلى أننا كنا نملك ما يحاول أن يظفر به وهذا شكل آخر للجحيم لكن الإنسان ليس حراً انظروا إلى شوارع نيويورك، شيكاغو.. ليس فيها أشخاص سعداء انهم جميعاً مهمومون كئيبون حسناً، الناس عندكم كئيبون أيضاً لكن لأسباب أخرى بكل تأكيد ربما لأنهم لا يملكون ما يكفيهم – دون أن يعني ذلك انه لا يجوز لهم أن يمتلكوا كل ما يلزمهم – لكن هناك شيء آخر في الإنسان، هناك شيء من العلو فيما وراء هذه الحياة لا نستطيع أن نفهمه.

العدد «19» تاريخ 15/7/1976

التاريخ: الثلاثاء1-2-2022

رقم العدد :1081

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص