الثورة – أيمن الحرفي:
يتمتز الطفل المتفوق بقدرات و صفات فوق العادة، فهو اجتماعي و متكيف مع الآخرين، ممتاز في التحصيل الدراسي، فمعدل الذكاء لديه تراه أكثر من أقرانه بعام أو أكثر.. بمعنى أن النمو العقلي لديه يفوق العمر الزمني فتراه سريعاً و منطقياً و قادراً على التحليل و طرح التساؤلات حول السبب و النتيجة، و بالتالي حل أصعب المشكلات.. فلديه قدر كبير من المعلومات و قوة انتباه و تركيز لوقت طويل.
و الطفل المتفوق هو مزيج من الطفل الموهوب و النابغة و المتقد الذكاء والعبقري و المتميز.. و قد يكون التفوق في مجال معين كالرسم أو الرياضة أو الموسيقا.
و بعد أن يفتح الطفل على العالم من خلال أسرته وينمو ويكبر فيتعرف لاحقاً على محيطه و مجتمعه حين يدخل المدرسة لتبدو الفوارق بين طفل وآخر من خلال حركته و نشاطه و مبادراته وأسئلته.
و يتساءل الأهل: هل ابني متفوق أم خلاف ذلك؟..
لنكتشف أن الطفل المتفوق له صفات و ميزات تختلف عن غيره.. فهو واثق بنفسه، قادر على التكيف الاجتماعي مع الاخرين و مع محيطه، يعيش في مستوى معين من الأمان النفسي والاجتماعي.
و لعل اكتشاف الطفل المتفوق ليس بالعملية الصعبة إذ يكفي اهتمامنا بالطفل أي طفل حتى نصنع منه متفوقاً متميزاً و يظهر مالديه من طاقات و قدرات.
حيث المناخ و البيئة التي نوفرها كفيلة بإيجاد الطفل المتفوق المرتبط و المتفاعل مع الناس و المجتمع كما يؤكد ذلك عالم النفس ( كارل روجرز ) إذ يقول: إن المناخ و البيئة الإبداعية هما الأمان النفسي و الشرط المسبق للتفكير الإبداعي و في أسلوب التحفيز الفكري.
و هناك وسائل عديدة لتجعل ابنك متفوقاً منها التركيز على تنمية القدرات العقلية لدى الطفل كاختيار ألعابه بعناية و خاصة تلك الألعاب الخاصة بتنمية الذكاء و منها التي قوامها الأسئلة و الألغاز التي تحتاج إلى تفكير دقيق.
ولا بد من التنوع في عملية التعليم و تلقي المعلومات فمن المهم تعليمه و تدريسه الجانب اللغوي، و كذلك علم المنطق و الحساب، و لا بد من التعامل بل و التكامل بين الأسرة في البيت والكادر الإداري و التربوي و التدريسي في المدرسة، و التواصل الدائم من خلال تعريفهم بميول طفلهم و مهاراته وهواياته.
و من الجدير بالذكر هو معاملة الطفل كالرجل و الشريك في اتخاذ بعض القرارات و تزويده بالكتب و القصص الهادفة.
و في ظل هذا العالم المتسارع باختراعاته و اكتشافاته و التقدم العلمي في مختلف المجالات صارت الحاجة أدعى إلى اكتشاف الطفل المتفوق و رعايته و الاهتمام من خلال البيت و المدرسة و المجتمع بكافة مؤسساته.
و يكون ذلك من خلال سلوكنا المعزز بالمكافأة و التشجيع اللفظي و المعنوي و المادي و بالتالي سيتوجه الطفل إلى المزيد من المثابرة و الاجتهاد و تقديم الأفضل، و بذلك ندعم مناخ التفوق والإبداع.
و لا يتأتى ذلك إلا من خلال المناخ الأسري و المناخ المدرسي و الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي.
وتبدو عملية توفير هذه المناخات ممكنة إذا تمكنت الأسرة من معرفة قدرات ابنهم. والأسرة المتوافقة المتآلفة التي يسودها الحب و التفاهم قادرة على تحفيز و تشجيع طاقات الإبداع و التفوق هذا ما اثبتته الدراسات حيث تبين أن هناك صلة بين مواقف الدعم الإيجابي و التحصيل الدراسي للأبناء، مع ملاحظة أن الأسرة المكونة من أب و أم متعلمين هما الأكثر قدرة على وجود ابن متفوق يشعر بالانتماء للأسرة التي شجعته على الاستقلالية و مواجهة المشاكل مع توفير الظروف المناسبة لتطوير اهتماماته ومشاركته في النقاش و إبداء الرأي.. هؤلاء أدركوا أهمية التفوق فتعاملوا مع الطفل بمحبة و فهم لنفسيته، ووفروا له الجو الآمن و الاستقرار النفسي..
هذا الدور ينجح عندما يتم كما قلنا التعاون و التكامل مع المدرسة و المعلم في احتضان المتفوقين و رعايتهم من خلال توفير المنظومة التربوية المناسبة والفعَّالة و القادرة على الاستيعاب والاستفادة من قدرات المتفوق.
و المنظومة المقصودة تشمل الطالب و المعلم و المناهج الدراسية و الكادر الإداري و الإرشادي و النفسي و التربوي.
فالتربية بمنظومتها المناسبة يجب أن تكون مرنة قادرة على الاستفادة من الماضي و السير في الحاضر للانطلاق بخطى ثابتة وواثقة نحو المستقبل..