الثورة – تحقيق – جهاد الزعبي:
ظهرت مؤخراً بدرعا حالة الموت المفاجئ للنحل وهي حالة لم يشهد مربو النحل ظهورها من قبل بهذا الحجم الذي يهدد طوائف النحل بالانقراض فما هي الأسباب التي أدت لذلك ؟وكيف يتم الحفاظ على النحل ومعالجته قبل تطور الحالة ؟
*ظاهرة غريبة..
بعد أن أبلغ مربو النحل في عدة مناطق مديرية زراعة درعا بحالة موت النحل أو هجرته قامت العناصر المختصة بدائرة الوقاية في المديرية بالكشف الحسي على الواقع وإعلام الوزارة عن ظاهرة هجرة أو موت طوائف النحل في محافظة درعا .
ويقول مربي النحل “سامح ذياب” من الشيخ مسكين أنه لاحظ حالة مفاجئة من الموت أو هجرة النحل في الخلايا العائدة له ورغم محاولاته للمعالجة لم يستطع إنقاذ كامل الخلايا وقد تضررت وفقد العديد منها .
وأشار “إبراهيم عبيدات” مربي نحل من الشجرة أن موت النحل كان مفاجئا وسريعا وهي حالة أدت لخسارة الكثير من خلايا النحل .
مؤكداً أنه وبعد متابعة الحالة والكشف على الخلايا لاحظ أن مرض ” الفارورا ” لوحده لا يؤدي للموت المفاجئ ويتم معالجته ، بينما هذه الحالة كانت دون مقدمات ودون أعراض ظاهرة والسبب هو الإصابة بالنوزيما سيرانا وهو القاتل الصامت للنحل.
وبين المربي “محمد العلي” أن تلك الحالة لم تكن موجودة سابقاً وسببت أضرارا كبيرة بطوائف النحل .
*مطالب بالدعم..
وطالب مربو النحل بضرورة دعمهم والتعويض عليهم ومساعدتهم وتأمين مخصصاتهم من السكر والأدوية ومستلزمات التربية بأسعار مدعومة .
*الزراعة تتدخل..
مدير زراعة درعا المهندس “بسام الحشيس”أفادنا: تم إبلاغنا من قبل المواطنين عن تلك الظاهرة الغريبة وتم تشكيل لجنة من دائرة الوقاية بزراعة درعا بالكشف الحسي على الخلايا المصابة في عدة مناطق بالمحافظة وإعلام وزارة الزراعة بتلك الظاهرة ، حيث عقدت وزارة الزراعة اجتماعاً تخصصياً ضم جميع الجهات المعنية لتحديد الأسباب والمعالجة .
*تدخل سريع للوزارة..
وأوضح “الحشيش” أنه وبعد إبلاغ الوزارة ظاهرة هجرة أو موت طائفة من النحل بدرعا ،أرسلت الوزارة لجنة متخصصة للوقوف على أسباب الظاهرة وكشفت اللجنة على عدة خلايا نحل في نوى وقدمت تقريرها للوزارة، وعقدت وزارة الزراعة – مديرية وقاية النبات – اجتماعاً ضم ممثلين من كلية الزراعة في جامعة دمشق وجمعية النحالين السوريين، والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، ومنظمة أكساد، واتحاد النحالين العرب أمانة سورية، والجمعية النوعية لتربية النحل، وجمعية تربية النحل بدمشق وريفها، والرابطة السورية لطب وتربية النحل، ومديرية الصحة الحيوانية في الوزارة، بهدف دراسة هذه الظاهرة ووضع المقترحات اللازمة لتلافي أضرارها.
35 ألف خلية بدرعا..
وكشف “الحشيش” أن محافظة درعا تمتلك أكثر من 35 ألف خلية نحل حالياً تنتج نحو 120 طناً من العسل سنوياً ، موضحاً أن قطاع النحل بالمحافظة تضرر خلال سنوات الحرب الظالمة على سورية وتراجعت أعداد الخلايا والإنتاجية ، وحالياً وبعد عودة الأمان وتقديم الدولة الدعم للمربين بدأ قطاع النحل يستعيد عافيته ، ولكن ظاهرة هجرة وموت النحل الأخيرة كان لها تأثير على هذا القطاع الهام .
*خطوات علاجية سريعة..
وقال مدير زراعة درعا أن هناك متابعة لهذه الظاهرة من قبل اللجنة المعنية ويقوم عناصر دائرة الوقاية بالمديرية بالمراقبة والمتابعة لواقع المناحل ، حيث تم توجيه المربين بضرورة الالتزام بتوصيات اللجنة ويتم العمل على تعقيم الخلايا وفصل المصابة عن السليمة والتخلص من عجينة الكاندي التي يثبت إصابتها بالنوزيما وإبعادها عن الخلايا السليمة واستخدام المواد العضوية بالمكافحة والابتعاد عن حبوب الطلع الداخلة للقطر بطريقة غير قانونية وعدم القطاف الجائر للعسل وترك كميات للتغذية وخاصة في فصل الشتاء .
مبيناً أن المديرية عممت التعليمات على المربين ويتم تطبيقها على أرض الواقع بالتعاون مع المربين والجمعيات الفلاحية .
*ظاهرة قديمة..
كما سبق وأشرنا إلى أن وزارة الزراعة كانت قد عقدت اجتماعا بهذا الخصوص وتم مناقشة ظاهرة انهيار طوائف نحل العسل أو اختفاء طوائف نحل العسل (CCD) على المستوى العالمي ومناقشة المشكلة الحالية لفقد طوائف النحل في محافظة درعا، وخطورة ظاهرة تدهور طوائف نحل العسل وتسببها بفقد نسبة عالية من طوائف النحل وهي ظاهرة قديمة ومسجلة بالعديد من دول العالم منذ مطلع العقدين السابقين وقد تتزايد أو تتناقص حسب شدة تأثير العوامل المساهمة بها وتداخل هذه العوامل وتفاعلها فيما بينها.
*خسارة 60% من النحل..
تبين بالكشف الحقلي الذي قامت به اللجنة بمحافظة درعا أن نسبة فقد الطوائف وصلت فيها إلى 60% في المناحل التي تم زيارتها في منطقة نوى بدرعا، حيث تم مناقشة نتائج التقرير فيما يخص التشخيص المخبري للعينات والأسباب المحتملة لفقد الطوائف، وتحديد أهم الأسباب المحتملة لظاهرة انهيار طوائف نحل العسل ومنها، قلة المرعى وعدم قدرة مربي النحل على ترحيل الطوائف خارج المحافظة والافتقار إلى تنوع مصادر حبوب الطلع مما انعكس سلباً على مناعة نحل العسل سواء على مستوى الفرد أو الطائفة ، ووجود إصابة مرتفعة “بأكاروس الفاروا ” ، والتغذية على عجينة كاندي ملوثة بأبواغ فطر النوزيما، والاستخدام العشوائي للمبيدات، والتغيرات المناخية.
*مقترحات للحل..
وتم التأكيد على الممارسات النحلية الصحيحة السليمة، وتعميم وتطبيق برنامج الإدارة المتكاملة المعتمد للفاروا ومعالجة “النوزيما “، وتوعية النحالين لعدم استخدام عجينة الكاندي البروتيني خلال أشهر الشتاء بشكل عام خاصة التي يدخل في تركيبها حبوب الطلع قبل تحليلها في مخبر أمراض النحل بالوزارة وذلك بهدف التأكد من سلامتها وخلوها من أبواغ مرضيّ الحضنة الأمريكي و”النوزيما” ، وتوعية النحالين لخطر استخدام حبوب الطلع المهربة ومبيدات الفاروا غير النظامية ويجب استخدام المواد العضوية في المكافحة، وعدم القطف الجائر للعسل وترك مخزون جيد لخلية النحل حتى لا يجهد النحل في فصل الشتاء، وزيادة الدورات التدريبية وتكثيفها على الممارسات النحلية الصحيحة وطرق الوقاية والعلاج لأهم آفات وأمراض النحل، وعدم الشروع في مكافحة “الفاروا” في حال الإصابة “بالنوزيما” قبل معالجة “النوزيما” ، ودراسة واعتماد نماذج جديدة لخلايا النحل (خلايا الفوم)، ومخاطبة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لتزويد النحالين بمادة السكر بالسعر المدعوم بمعدل /10/ كغ للخلية الواحدة سنوياً ، والتخلص من عجينة الكاندي التي يتبين تلوثها بالنوزيما بعيداً عن المناحل وعدم استخدامها بتغذية الطوائف نهائياً ، وعدم نقل الإطارات والأقراص من الخلايا التي تبين إصابتها بالنوزيما إلى الخلايا السليمة، توجيه الوحدات الإرشادية لإعلام النحالين قبل 48 ساعة من رش المبيدات ويفضل رش المبيدات عصراً.
*وختاماً..
تؤكد المعطيات الميدانية للظاهرة أن ” النوزيما سيرنا ” مرض خطير يصيب النحل ويترافق مع ” الفاروا ” مما يؤدي وحسب دائرة الوقاية بدرعا إلى خروج وهجرة النحل المصاب من الخلية ويبقى فيها الملكة والشغالات فقط ، ونتيجة برودة الطقس تموت الملكة والشغالات، وبالتالي القضاء على الخلية بشكل كامل وخسارة النحل ، وأن “النوزيما سيرنا ” القاتل الصامت كما يقولون هو سبب هام من عدة أسباب وعوامل مختلفة أدت لظاهرة هجرة أو موت النحل المفاجئ.