الثورة – آنا عزيز الخضر:
مسرحية “توحش” عملٌ فني يدمج بين أفكار العزلة والعولمة، وماتركته من بصماتٍ على إنسان عصرنا، متكئة في بصماتها هذه، على فيروس كورونا.
هذا ماعمل على تصويره العرض “توحش”.. تأليف الكاتب العراقي “علي عبد النبي الزيدي”، وإخراج الفنان “حكمت نادر عقاد”، وتصميم الديكور للفنانة التشكيلية “لوسي مقصود”، وبطولة كلّ من: “منيسا ماردنلي” و”عبيدة صادق” و “نايا دنبكلي”..
تدور أحداث العرض، في غرفة العزل التي فرضها فيروس غريب متناهي الصغر، إلا أنه جسّد الوجه الآخر للعولمة المتوحشة التي باتت تفرض أفكارها على الجميع، وذلك من خلال حوار الشخصيات التي تحدثت عن مشاكلها، حيث لم تنحصر بجائحة مرضية بل اتسعت إلى مساحات عديدة، ونقلت قضايا كثيرة، مثلما أكّد صانعو العرض.
البداية كانت مع المخرج “حكمت نادر عقاد” الذي قال: “مسرحية “توحّش” تحدثت من خلال ثلاث شخصيات “هو – هي ـ الممرضة”، عن عولمة متوحشة وسيطرتها على العالم، مرّة عن طريق فايروس ما، ومرّة عن طريق شبكات التواصل، وغيرهما من الوسائل التي ﻻ تقف عند حدّ، أما النص فقد كتب بأسلوب عبثي ساخر ولغة خاصة، وقد اعتمدت في أسلوب الإخراج، على الدمج بين العبث في الواقع وبعض السريالية.
أمّا الكاتب “علي عبد النبي الزيدي” فقال: “أمام صدمة جائحة كورونا، وفي أيامها الأولى، اجتاح العالم كله خوف ورعب لا يوصف بنهاية الحياة، وتوقفت ترسانات الأسلحة أمام مواجهة هذا الفايروس المتناه الصغر، وانهارت اقتصاديات الدول الغنية وغير الغنية، وبات الخوف يهيمن بشكل كبير من القادم، أو المستقبل القريب، وكان السؤال الجوهري: ما الذي سيحدث؟.. هكذا عشنا تفاصيل ذلك الرعب بكل تفاصيله، لذلك لابد للمسرح أن يتناول هذا الحدث، ولكن بوجهة نظر أخرى، قد تنطلق مما هو اجتماعي أو سياسي كما في نص “توحّش” الذي راح يؤكد مفهوم العزلة في هذه الأزمة التي فرضها “الفايروس” متناه الحجم، والذي هدد العالم بالموت، وهي إشارة هامة على ارتباك الانسان في اللحظات الكارثية التي يمر بها.
درامياً، ينطلق نص “توحش” من أحد الليالي الجميلة والسعيدة، وهي (ليلة الزفاف) التي ينتظرها الإنسان بشغف ولكن، وجود هذا الفايروس يربك تلك الليلة بشكل ساخر، بل يربك سنوات عمر العروسين القادمة، خاصة مع وجود مفردة العدوى والموت التي تعلن عن حياة كارثية..
هذا النص ينتمي لـ “نصوص المدينة الفاسدة” التي ستظهر في كتاب، وهو يؤرخ لمناخ ما بعد الجائحة والعزلة والخوف الذي عاشه الناس في كل مكان، وتأثرت به العلاقات الاجتماعية بشكل واسع، حتى أن أبواب البيوت أغلقت بوجه أي قادم أو ضيف، لشعورهم بأنه بات يشكل خطراً على حياة الجميع، فلقد كان لهذه الجائحة، آثارها على كل شيء.