الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
“ما هو البحث؟ ومن هو الباحث؟ وما شروط اختياره للبحث؟ كيف يقوم باختيار موضوع البحث؟ وهل البحث واحد أم له عدة أنواع؟ ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها الباحث..” أسئلة طرحها الأديب الباحث الدكتور “جودت إبراهيم” من خلال محاضرة ألقاها في رحاب رابطة الخريجين الجامعيين في حمص، بحضور نخبة من المثقفين ورواد الرابطة، وكان أبرز ما قاله الباحث الدكتور “إبراهيم”:
بداية تساءل لماذا يتسابق الباحثون لنشر ما توصلوا إليه؟ ثم أجاب: البحث هو طلب الحقيقة وتقصّيها أي البحث عنها في كل مكان، وإذاعتها بين الناس، أي نشرها وإعلانها للناس.
وإذاعة الحقيقة المتقصَّاة جزء مهم من عمليات البحث، فيجب نشر البحث و إلا اختل ركن أساسي من أركان البحث.
فالحقيقة تبقى ناقصة إذا بقيت في أذهاننا، لذلك نرى الباحثين يتسابقون إلى نشر بحوثهم، فلا يكفي أن نبحث ونصل إلى نتائج، قال ديكارت:” خيرٌ للإنسان أن يعدل عن التماس الحقيقة من أن يحاول ذلك من غير منهج”.
وعرف منهج البحث الأدبي: بأنه الطريقة التي يسير عليها دارسٌ أو باحثٌ، ليصل إلى حقيقة في موضوع من موضوعات الأدب، أو تاريخ الأدب، أو تاريخ قضاياه، منذ العزم على الدراسة وتحديد الموضوع، حتى تقديمه ثمرة عمله إلى المشرفين، والناقدين، والقراء مقالةً أو رسالةً أو كتاباً.
ويفيد منهج البحث الأدبي من المناهج الأخرى في خطوطها العامة، ولا سيما في التاريخ…
و لكنّه يتميّز بأنه يتعامل مع مادة فنيّة، ونصّ إنشائي على الباحث فيه إن يغور إلى أعماقه، ويقرأ ما وراء حروفه، فيصل خياله بخيال صاحبه، وعاطفته بعاطفته.
متّخذاً من المادة التاريخية عوناً ومساعداً على بلوغ هذه الغاية، مؤيّداً إيّاها بعوامل مساعدة أخرى تتكون من كلّ ما يستطيع أن يحوز من فنون المعرفة من لغات وجغرافية وفلسفة… وعلوم صرف.
وأشار “إبراهيم” إلى أنّ منهج البحث مظهرٌ حضاري تشتدّ الحاجة إليه بعد الحاجة إلى الدرس والتأليف، وما يصحب ذلك من تراكم الخبرات.
كان طبيعياً أن يرتبط “منهج البحث” بالجامعات ارتباطاً وثيقاً، لأنها موئل الحقيقة أو ما يفترض فيه أن يكون كذلك ولأنها تتعامل مع طبقة لها من السن العقلية ما يؤهلها للبحث ولفهم مناحي البحث.
لك أن تقارن – لكي تدرك قيمة هذا الدرس – بين بحث جامعي وبحث غير جامعي، وبين بحث لجامعي ملمّ بالقواعد والأصول، منبّه عليها، وبحث للجامعي نفسه قبل أن يعي هذه القواعد والأصول، ستجد أن الفرق كبير..
أما ما هي الفوائد التي نجنيها من مقرر ودرس مناهج البحث؟
أجاب الباحث: هذا المقرر يعلم الطلاب كيف يبدؤون وكيف ينتهون من البحث، يعلمهم الطريقة التي يسلكونها منذ بداية التفكير بالبحث وحتى طباعته وإخراجه.
هذا المقرر يوفر على الطلاب الوقت والجهد، وذلك لأن وجود المخطط الواضح يبعد الطلاب والباحثين الناشئين عن التخبُّط في الدراسة.
يجنب الطلاب الوقوع في الخطأ الذي وقع فيه السابقون، ويحفظ الطلاب من السأم والشعور بالضجر والضياع، ويعين الطلاب على الانصراف إلى صميم الموضوع وإلى كشف ما لا يستطيعون كشفه ضمن إمكانياتهم.
يحبب البحث للطلاب ويهيئ لهم الاستمتاع بثمرة العمل، ويعدُّ الطلاب لبحثٍ أوسع، وتأليف في مدى إنساني أبعد وأصيل، وتعني كلمة أصيل أنه ذاتي، أي من صنع الكاتب، لم يسبقه إليه أحد، و إلا فهي خيانة علمية أو سرقةٌ علمية.
يدلّ الباحثين والطلاب الناشئين على أنفسهم ويحدد لهم موقفهم من خلال هذا الميدان، ويساعد هذا المقرر في أن المتفوِّقَ من الطلاب يكشف نفسه ويجعلنا نحنُ نكتشفه وبالتالي نرعاه..