افتتاحية الثورة- بقلم رئيس التحرير – أحمد حمادة
طوال السنوات العشر الماضية من عمر الحرب الإرهابية على سورية، كانت المؤسسات الدولية البوق الناطق باسم واشنطن، فابتعدت عن حياديتها المفترضة، وبعدت عن نزاهتها ومهنيتها وحرفيتها، فقط ليقترب موظفو هذه المؤسسات من واشنطن، وينالوا رضاها.
ولو حاولنا تعداد مواقفها، والنبش بقراراتها وبياناتها، لوجدنا مئات الشواهد والأمثلة عن ذلك، ليس عن سورية فقط، بل عن كل دولة تقف سداً منيعاً أمام الأجندات الاستعمارية الغربية، وما جرى في أروقة مجلس حقوق الإنسان ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن الدولي من تسييس وتجييش ضد سورية في السنوات الأخيرة المثال الساطع.
وتحولت هذه المؤسسات إلى أداة ولعبة سياسية بيد واشنطن، ومن تابع نقاشاتها وقراراتها وبياناتها حول سورية يدرك ذلك جيداً، وخاصة مجلس حقوق الإنسان، الذي ما انفك يحاول إلصاق التهم بسورية وتبرئة منظومة العدوان وأدواتها من انتهاك حقوق السوريين وحصارهم وعقابهم، وتسويق وجهة النظر الأميركية المعادية لسورية بحذافيرها، والالتزام بتوجيهات السي آي إيه وتعليمات البيت الأبيض فقط لا غير.
ففي الحالة السورية كانت الأدلة أكثر من قاطعة، فلم يوفر خبراء المجلس صورة أو خبراً كاذباً إلا وأخرجوه للعلن، وضخّموه، ولم يوفروا سطراً كيدياً واحداً إلا وكتبوه في تقاريرهم كي يكون منصة للهجوم على سورية والعدوان عليها، فابتعد المجلس عن الدور الذي توافقت عليه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عند إنشائه، والقائم على الحوار البناء في تناول حقوق الإنسان، بوصفها منظومة حقوق مترابطة وغير قابلة للتجزئة في جميع الدول دون تمييز، وعلى التعاون التقني لمساعدة الدول على بناء قدراتها وفقاً لأولوياتها الوطنية، كما أكدت سورية غير مرة.
وعلى عكس هذا الكلام الافتراضي حول حقوق الإنسان كان كل ما ينقله المجلس المذكور حول سورية يتنافى مع المنطق والأدلة، ويؤكد تنفيذ ما تمليه عليه واشنطن ولندن لفرض معاييرهما المزدوجة في التعامل مع حقوق الإنسان، ويكفي أن نشير هنا إلى أن بريطانيا التي تقود الحملة ضد سورية في المجلس أنفقت أربعة مليارات دولار على حملات التضليل الإعلامي التي تستهدف سورية، وبشهادة وسائل إعلامها، ويكفي أن نشير أيضاً إلى جرائم الكيان الإسرائيلي بحق السوريين في الجولان وانتهاكه لحقوق الجولانيين دون أن يحرك المجلس ساكناً تجاه هذا الكيان المارق.
خلاصة القول: إن كل المؤشرات والوقائع والحقائق اليوم تجزم بأن واشنطن وأتباعها في الغرب يستغلون هذا المجلس، وكل آليات عمله لاتهام دول معينة باتهامات باطلة، ووصمها بانتهاك حقوق الإنسان، واتخاذ ذلك ذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية، بل تسييس كل قراراته وبياناته وتقاريره لتوفير الغطاء للمحتلين للعدوان على الشعوب والدول التي تعارض السياسات الغربية الاستعمارية.