ثورة أون لاين – علي قاسم : يستذكر العرب فجأة دورهم، حين لا تكون هناك حاجة إليه.. ويتنطحون لمهام ليس بمقدورهم تنفيذها، ويقدّمون وعوداً يدركون تماماً أنهم عاجزون عن الإيفاء بها.
هذه سيرة بعض العرب الأفاضل، وحتى حين ينأون بأنفسهم، يكون في الوقت الحرج الذي لا طائل منه، ولا جدوى من الاختباء خلف أصابعهم، التي اعتادت أن ترتفع فقط للموافقة على قرارات الآخرين، أو حين الحاجة كي تبصم على مشاريعهم.
وفيما الأحداث تسبقهم ولمسافات زمنية بعيدة، يلجّون في إعادة عقارب الزمن إلى حيث لا يمكن أن تعود، وينتابهم الحماس حين لا ينفع ولا يجدي.
اللجنة الوزارية العربية التي تجاوزتها الأحداث، تحاول أن تستقطب الأضواء في زمن دفعت بها التطورات إلى مكان آخر، لا أثر لهم فيه ولا دور، بل لا معنى لبحثهم عن الأمكنة الخائبة التي تنتظرهم.
وحتى حديثهم الممجوج بدا ساذجاً، وهم يعيدون تلقين الدروس في قاعة مقفرة تتكفل جدرانها فقط بترداد الصدى، وتبني افتراضاتهم على زمن مضى، وأحداث باتت خلف الظهر، ولم يعد هناك متسع لأحد كي يعيد الاستماع إليها.
على هذه القاعدة، تبدو مشيخات الخليج الغارقة في تفاصيل الارتدادات الناتجة عن فشلها، وهي ترسم دوراً جديداً لها، وفقاً للنطاق الذي أخذته الأحداث، حيث التناقض في المنحى يوازيه ارتباك في ردود الفعل، حين ينتقل من نفي التهمة إلى تأكيدها، ومن التملص من المشاركة في الجريمة إلى التورط فيها.
اجتماع الدوحة أنموذج، و«التغريبة» التي أتحفنا بها وزير خارجية قطر دليل دامغ، أما ما تفوّه به أمين عام الجامعة العربية فلا نجد خانة يمكن أن يُدرج فيها لأنه خارج السرب منذ زمن بعيد، خصوصاً بعد أن خفتت أضواء حضوره السياسي وبدائله الممكنة والمتاحة، حتى حظوظه في الوعود التي قدمت له.
تستطيع اللجنة الوزارية العربية أن تعقد ما تشاء من الاجتماعات، وأن يقيم وزير خارجية قطر وإلى جانبه العربي ما يشاءا من مؤتمرات صحفية قبلها وبعدها.. لكن ليس بمقدورهما أن يقنعا أحداً، أن ما فشلت به في الماضي يمكن أن تحققه اليوم.. وما عجزت عنه قد تستطيع إنجازه وسط هذا التسارع في الأحداث والتطورات.
ويستطيع حكام قطر والسعودية والعربي معهم أن يستمروا في وهمهم، وأن يتجاهلوا ما شاؤوا من الحقائق.. لكنهم سيظلون عاجزين عن السير في مسالك لا تصلح فيها عباءاتهم ولا مشيخاتهم، ولا تنفع معها أموالهم ولا حتى إرهابيوهم ومرتزقتهم.
وعلى عادتهم، مساحات الوهم لديهم تكبر حين تتكشف الحقائق.. والخطأ يزداد حين يكون محظوراً.. والمغالطات تكبر حين تصعب مداراتها.. لكنه خيارهم الذي ورطوا أنفسهم فيه حين أحرقوا مراكبهم.. ومن يحرق مراكبه فعليه أن يبقى حيث هو، وأن يتحمل التبعات والنتائج!!
سورية التي قارعت أعتى حملة شرسة عرفها التاريخ الحديث.. تدرك كيف تنفذ من مساربها وكيف تجتاز مفازاتها.. وقد فعلت ذلك باعتراف العالم.. لا تحتاج شهادتهم.. ولا جهودهم ولا حتى أفكارهم ومقترحاتهم.. وما عليهم فعله عملياً هو لملمة أذيال الخيبة.. والانتباه إلى كراسيهم التي تهتز، وحين تهتز عروش الملوك والأمراء فإنها لا تقدر على الاحتمال، وسقوطها في العادة يكون مدوياً، وحينها حتى لو حاولوا الاستدراك كعادتهم في الزمن الحرج، فلن ينفع الاستدراك..!!