لم يعد من الموضوعي أن تبقى حصه الفرد السوري أقل من كيلو غرام واحد من السمك سنوياً، فهي نسبة متواضعة كثيراً لاسيما وأننا في سورية لسنا بالبلد الصحراوي بالمطلق، بل لدينا شاطئ بطول أكثر من ١٨٠ كم، وعرض ١٢ ميلاً بحرياً، و أنهار وبحيرات و موارد كثيرة من هذا القبيل يمكن أن تكون مطرحاً لتنميه الثروة السمكية، وزيادة حصة الفرد إلى ما يعادل الحصص التي يحظى بها الفرد في دول أخرى تشبه بلدنا من حيث المناخ والجغرافية.
ولابد اليوم أننا جميعاً أصبحنا مقتنعين بأن استثمار الثروة السمكية و موجودات البحر والمياه الإقليمية، بات ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى، وأولوية متقدمة بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الغذاء، ليس على المستوى المحلي وحسب، بل على مستوى العالم، فنشرات وتقارير منظمة الأغذية والزراعة العالمية تقرع أجراس الإنذار بهذا الخصوص، أي “نهاية زمن الغذاء الرخيص”، وهذا يعني أنه لم يعد التلكؤ مقبولاً في البحث عن كل ما يمكن من خيارات متاحة لتعزيز الأمن الغذائي للمواطن في بلدنا.
وتبدو الثروة السمكية خيار غني بعائداته – رخيص بتكاليفه، لأن الأسماك البحرية لا تحتاج إلى تكاليف لجهة التربية والتنمية والإكثار، فالبحر والطبيعة والبيئة البحرية تتكفل بإتاحة كميات هائلة من اللحوم غير المكلفة، فقط علينا أن نحسن الاستثمار و الصيد. وقد سبقنا الكثيرون لتوطين طرق وسائل وتقنيات صيد متطورة تحقق لهم عائدات كبيرة لدرجه أن الكثير من الدول الفقيرة تكنولوجياً وتقنياً ومادياً استطاعت تدعيم أمنها الغذائي من خلال مايسمونه ” أرزاق البحر”.. والأمثلة كثيرة ليس أقلها تونس واليمن ودول عربية كثيرة أخرى.
الآن علينا أن نبدأ مشروعاً متكاملاً للتوسع في نشاط الصيد وتطوير هذه المهنة والارتقاء بها من مجرد مهنة شعبية بسيطة إلى مهنة ممأسسة، تقوم على استثمارات كبيرة للدولة أو القطاع الخاص، أو بالتشاركية للاثنين معاً، ولدى الدول الكثير من التجارب في هذا المجال يمكن أن نستفيد منها ولا نحتاج إلى إعادة اختراع الدولاب كما يقال، استثمارات كبيرة دخلت على خط الصيد البحري عبر عائمات كبيرة أو سفن موزعة في عرض المياه الإقليمية، مهمتها الصيد بوسائل حديثة وترحيل الأسماك إلى الشواطئ، بالتالي إلى الأسواق الداخلية.
لا أعلاف ولا لقاحات ولا أدوية بيطرية.. أهم بروتين حيواني بانتظار من يبادر نحوه مجاناً.. والتأخير يعني فوات منفعة.. ويعني أن غيرنا سبقنا إلى خيرات بحرنا بما أن الأسماك لاتعترف بحدود للمياه الإقليمية بين الدول..
الكنز – نهى علي