الملحق الثقافي – سعاد زاهر:
كل ما يفعلونه قبل البدء بالإقلاع لم تسمع منه شيئاً، كان ذهنها في مكان آخر …يؤكد لها « ما من سبيل آخر» عليها أن تفعل ذلك…
أيقنت في قرارة ذاتها بصواب ما تقوم به…أغمضت عينيها كما تفعل عادة أثناء الإقلاع وبدأت بأدعية نسيت معظمها فالرعب سيطر عليها…!.
ربما هي آخر من فتحت عينيها إن كان هناك من أغمضهما سواها، حسدت جارتها التي تجلس بجوار النافذة كيف تمكنت من تصوير مشهد الإقلاع قائلة لها قد لا يتكرر..!.
لم تبال…بأي شيء وهي تأكل وجبتها الصغيرة من الدجاج والأرز، شربت جرعة ماء صغيرة، ولم تستفق إلا حين بدأت الطائرة بالهبوط…
وحين سارعت بالخروج من المطار الكبير وهي تجر حقيبتها الوردية الصغيرة شعرت أنها ولدت للتو…كأن زهايمر عصف بها، وشعرت بتحرر داخلي لامثيل له، غادرتها كل تلك الخيبات المريرة، و الكآبات المقيمة…
ياالله كيف يمكن لنقلة مفاجأة أن تشعرك أن كل ما مضى مجرد شظايا تطأها قدماها، استقلت أول سيارة، اتجهت إلى الفندق، استغربت المسافة القصيرة، حين وصلت لم يبد من ردهة الفندق شيء خاص، إلا أنها حين فتحت باب تلك الشقة الفندقية الصغيرة، خفق قلبها للمرة الأولى منذ عشر سنوات، والغريب أنه خفق لهذه الشقة الغالية نسبياً، دون أن ترتب أغراضها حاولت فتح الباب المفضي إلى شرفة صغيرة فيها كرسيان وطاولة صغيرة أنيقة للغاية مع غطاء فاتح…ما توج المنظر أنه يطل على أبراج دبي التي لطالما تمنت أن تراها يومياً..
جلستها المسائية والأنوار تحيط بها من كل جانب بكثافة غريبة، بينما ضوضاء الشارع تخفت مع ستار الليل، الذي تشعر به هو مضاء بطريقة غريبة..جعل داخلها يرقص ها قد عادت إليها أحاسيسها، أم أنها يا ترى أحاسيس الليلة الأولى..!.
صباح اليوم التالي: ما أن فتحت عينيها …حتى ارتدت ملابسها بسرعة غريبة، منطلقة لتنجز أولى خطواتها، شعرت أنها غريبة في بلاد كبيرة، تسير بخطا مرتبكة باتجاه أنوار قد تتخطى لياليها لتصبح دائمة الحضور في حياة تصر على أن تنفض فيها كل ما علق بها من ماض لايزال يلتصق بها في الأمكنة الاعتيادية…!.
العدد 1087 التاريخ: 15/3/2022