انطلاقاً من علاقات الأخوة والمصالح المشتركة بين سورية ودولة الإمارات الشقيقة، جاءت زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، لتعزيز أواصر التعاون، وبحث العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين ومستجدات وتطورات الأحداث على الصعيدين الإقليمي والدولي، والتحديات الراهنة التي تواجه وتستهدف شعوب المنطقة، بهدف مواصلة التنسيق والعمل المشترك لمواجهة تلك التحديات وتجاوزها.
الزيارة لها أهميتها البالغة في التوقيت والمضمون، في ظل ما يشهده العالم من تغيرات متسارعة، تفرضها سياسة الهيمنة الأميركية في المنطقة والساحة الدولية، ونزعتها المفرطة لجر العالم نحو انزلاق خطير يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ولذلك لا بد لدول وشعوب المنطقة من العمل معا لدرء الأخطار والتحديات الناجمة عن سياسة الغطرسة الأميركية، حفاظاً على سيادة واستقرار ومصالح شعوب المنطقة برمتها.
لا شك بأن هذه الزيارة ستوسع أفق التعاون الثنائي بمختلف المجالات لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين، لاسيما أن سورية لم تتخلَ يوماً عن دورها الداعم للقضايا العربية، رغم شراسة الحرب الإرهابية التي تشنها عليها قوى البغي والعدوان، وهي ترى أن التعاضد بين الأخوة والأشقاء العرب، باتت ضرورة ملحة تمليها اليوم حالة الواقع العربي المتهالك نتيجة التدخلات الأميركية والغربية، وخطورة المخططات والمشاريع الاستعمارية التي تستهدف الوجود العربي، وكذلك هي دولة الإمارات المتحدة التي تلعب دوراً كبيراً ومهماً على الساحة الدولية بفعل سياساتها المتوازنة تجاه مجمل القضايا الدولية، ومن شأن التعاون والتنسيق المشترك بين سورية والإمارات أن يساهم في ترسيخ الأمن والاستقرار لدول المنطقة.
مدى أهمية الزيارة بأبعادها الإستراتيجية، يدل عليه الامتعاض والانزعاج الأميركي الذي عبرت عنهما وزارة الخارجية الأميركية بعد الزيارة بقليل، فكل ما يغضب الولايات المتحدة، هو تأكيد على صوابية السياسية السورية والإماراتية، حيث العمل على ترسيخ وتمتين العلاقات بين الدول العربية يشكل مقتلاً لمشاريع الهيمنة الأميركية، فجوهر السياسة الأميركية تجاه القضايا العربية يرتكز على مبدأ “فرق تسد”، والولايات المتحدة ما زالت تعمل على منع أي تقارب عربي- عربي، لأنه يهدد مصالحها الاستعمارية في المنطقة، وقد سبق لوزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أن أكد قبل أشهر قليلة بأن التحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سورية اليوم هو (قانون قيصر)، وبحال لم يلغ هذا (القانون)، فإن مسار عودة التعاون المشترك سيواجه الكثير من الصعاب.
من شأن زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، أن تضفي المزيد من التعاون الثنائي، ومواصلة التنسيق لمواجهة التحديات المشتركة، خاصة أن كلا البلدين ينطلقان في سياساتهما من مبدأ احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، التزاماً بأحكام ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، وكلاهما يسعيان لمد جسور التواصل لإيجاد حلول للأزمات العاصفة بدول المنطقة.