سُئل أحدهم أيهما تحب النظر إليه أكثر القمر أم وجه أمك، فقال أرى القمر في وجه أمي، هو الحب والعطاء الذي يعكس نوره على وجه أمهاتنا فنراه بدراً مضيئاً لدروبنا.. ولعل عيدهن فرصة للاحتفال والتعبير عن المكانة العالية للأم ودورها في بناء الأسرة والمجتمع.
شريط الذكريات يحمل الكثير عن هذه المناسبة .. لكننا اليوم نعيش مشهداً آخر إذ يسبق الاحتفال بهذه المناسبة انتشار واسع على صفحات التواصل الاجتماعي التي تضج ببطاقات التهنئة والمعايدة. ويتصدر عيد الأم قائمة المواضيع الأكثر انتشاراً على مواقع الفيس بوك والتويتر وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي التي يراها البعض فرصة ذهبية لتقريب المسافات في ظروف السفر والبعد عن الأهل، بينما يراها نشطاء في القضايا المجتمعية مناسبة للتذكير بالنساء والمطالبة بحقوقهن، وسرد القصص والمشكلات التي تواجههن. ومنهم من يذهب للمطالبة بتعديل القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية على الرأي العام. وهناك من يختار هذا اليوم ليعرض حياة ومسيرة شخصيات نسائية كان لهن رحلة طويلة في النضال من أجل حقوق المرأة، ويرون ذلك أفضل وسيلة لرد الجميل للأم التي هي الأساس في كل شيء.
ولا يفوتنا العرض الإنساني لبعض الجهات الخاصة والمؤسسات التي تسمى بالتنموية والتي تستثمر هذه المناسبة لتنظيم مسابقات لتكريم عدد من الأمهات عبر اختيار ما يسمى الآم المثالية والأم المكافحة والأم التي تعمل في مهن اعتاد المجتمع أن تكون مهناً مخصصة للرجال وغيرها من التسميات والاحتفالات التي يبذخ فيها المال على عدد قليل من النساء في حين يكون ضمن هذا الاحتفال عشرات الأمهات من الحضور دون أن يحصلن على بطاقة معايدة واحدة إضافة لتكريس فكرة أنه ليس كل الأمهات مضحيات مما يخلق نظرة متفاوتة تجاه قداسة المناسبة.
بالمقابل هناك الكثير من العاملات في مؤسسة وجمعيات نسوية اللواتي يطالبن بخروج عيد الأم من إطاره الضيق المتعلق بالحفلات والمعايدات، والانتقال به لتوضيح واقع اجتماعي أو اقتصادي معين من خلال نشر قصص لنساء تحدين البطالة وابتكرن طرقاً جديدة للمساهمة في تخفيف الأزمة الاقتصادية وإعالة أسرهن. وهناك من ربط التعليقات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي بمناسبة عيد الأم بالأوضاع المتأزمة التي يعيشها الناس في ظل الحصار الاقتصادي… ليأتي دور الشريحة المستفيدة وهي الفرصة الذهبية لتجار المناسبات وتحويل هذا اليوم لمناسبة تجارية ترتفع فيها الأسعار أضعاف مضاعفة.
مع أنه لا يمكن اختزال حبنا لشخص ما في يوم واحد.. وخاصة عندما يكون هذا الشخص هو الأم بكل ما تحمله الكلمة من قدسية المعنى، إلا أن النظرة إلى هذه المناسبة لم تعد مجرد مناسبة احتفالية تجتمع فيها العائلة تعبيراً رمزياً لرد الجميل لمن أنجبت وتعبت وأعطت دون شروط أو حدود، ولم يستمر وفقاً للفكرة الأولى التي بدأ الاحتفال عبرها عام 1956 عندما دعا الصحفي المصري علي أمين مؤسس صحيفة الأخبار إلى تخصيص يوم للأم يكون بمثابة يوم لرد الجميل والتذكير بفضلها ودورها في تربية الأبناء وتأثيرها في المجتمع. فتحولت من مناسبة احتفالية إنسانية إلى مناسبة مشروطة بتوجهات مختلفة.
عين المجتمع – ميساء الجردي