مذاق الضباب هنا، يختلف كلياً عن أمكنة أخرى، ومسحت بسرعة ما تبادر إلى ذهنها وكتبته، رغم أنها وحيدة في تلك الغرفة الصغيرة جداً، والتي لم ترها مضاءة، بسبب الستارة الغامقة اللون والتي حاولت إزاحتها فإذا بعيون غريبة، ببشرة غامقة تطالعها، مع أنها متأكدة أنها كانت تنظر في اتجاهات ما، بانتظار حدث، إلا أنها أخافتها وهي الغريبة في هذا الحيز الضيق.
حين تذكرت ما كتبت على نافذة الغرفة الوحيدة، عاد الحزن إلى محياها، ولكن من حسن الحظ، أنها اعتبرته مجرد ندبة محيت…لا يمكن سوى للأشخاص الذين تعرضوا للندبات فهم معنى كتاباتنا على ضباب النوافذ، ومن ثم التمييز بين ما يصلح منها للانتقال من فكرة ضبابية الى واقعية، هل بإمكاننا التمييز…؟.
ألا تبدو كل الكلمات فارغة في مواجهة القسوة، في محاولة إجبارنا على فعل ما لا نريد، حينها يبدو الأمر كأننا نقع في بئرعميقة ليس بإمكان أحد الوصول إلينا، أضعنا البوصلة والحبال والخريطة وكل ما بإمكانه انتشالنا من العمق.. نحن في الأسفل وخيالاتنا فوق، وحتى لا نمتلك نافذة نكتب عليها ذكرياتنا تلك التي نرغب بالتخلص منها أو التمسك بها..
ذكرى ضبابية نشعر بعدها أننا بحنا بمكنونات قلبنا بكل ما يثقل علينا، وأننا بعدها أصبحنا أفضل..ولكن قد يرافقنا ندم طارئ…
حين حملها ذهنها إلى ذاك المدى البعيد، شعرت بالتحرر، لا يهم المكان الذي تقبع فيه ولا الظروف التي تحيط بها، ولا الأمكنة التي تكبلها…المهم ألا تكتب بحروف قانعة على نوافذ زجاج عابر، سيمحى ما إن تخرج من حيزها المؤقت…!.
رؤية – سعاد زاهر