يخطئ من يعتقد لوهلة أن العاملين في قطاع التجارة “وتحديداً باعة الجملة منهم ونصف الجملة والمفرق” ليسوا على إطلاع كاف أو دراية تامة بالمرسوم التشريعي رقم “8” لعام 2021، لا بل على العكس تماماً فهم قرؤوا وفهموا وغصوا وتنهدوا وارتابوا عندما قرؤوا المرسوم وحفظوه عن ظهر قلب “فصل فصل .. مادة مادة .. فقرة فقرة .. سطر سطر”، وإلا لما صموا أذاننا بدعواتهم وطلباتهم ونداءاتهم المتكررة “بمناسبة وبدونها” لإعادة النظر بالجزاءات والغرامات الخاصة بالمخالفات الجسيمة دون غيرها من الموبقات الأخرى التي ترتكبها لصوص الأسواق.
نعم هم يعرفون المرسوم رقم “8” لعام 2021 بفواصله ونقاطه وحروفه، أكثر من القانون الناظم لعمل اتحادهم وغرفهم التجارية .. ويعرفون أيضاً أن المرسوم الذي وضع على سكة التطبيق والتنفيذ على أرض الواقع، ما كان ليصدر ويغلظ العقوبات لو لم يكن رأس ثالوث الشر التجاري “الاحتكار ـ الغلاء الفاحش ـ التلاعب بقوت المواطن” مستمراً في محاولات تغلغله في أسواقنا ومحالنا وأكشاكنا وبسطاتنا وفرض ـ وبنشاز ـ إيقاعه المرهق والمكلف والمتعب لجيب ومعدة المواطن.
هذا الثالوث لا يمكن تفكيكه وإبطال مفعوله ووضعه تحت مجهر القانون، بعبارات وجمل التهديد والوعود “الورقية والشفهية”، ولا حتى برفع نبرة الأصوات المطالبة بنشر وتكريس وتعميم ثقافة الشكوى لدى المواطن بعيداً عن “الخجل أو الخوف”، وإنما بترجمة وتطبيق جديين وحقيقيين لكل حرف وكلمة وجملة جاءت في متن المرسوم رقم “8” لعام 2021، كون ممارسات التجار والباعة المتلطين تحت عباءة التجارة والبيع والشراء تخطت الخجل من المواطن والخوف من العقوبات الجسدية والغرامات المالية التي جاء المرسوم رقم “8” على ذكرها صراحة، لا بل يمكن القول و”بالفم الملآن” أنها قطعت عتبة “الخجل والخوف” بكثير، بعد أن أصبحت أسعارهم “التي تزين واجهات المحال” هي المعتمدة بشكل شبه رسمي، تحت حجج وأعذار لم ينزل بها الله من سلطان.
ضرب هذا الثالوث، لا يحتاج من الأجهزة الرقابة التموينية أي نوع من أنواع الخجل أو الخوف أو الشفقة أو الرأفة أو العطف، وإنما لقبضات رقابية تموينية وسقف عالي من الدعم والغطاء والثقة شبيهة بالمكافحة الجمركية والاستعلام الضريبي التي لا تضرب ولا تطال إلى كل لص ومتهرب ومهرب وفاسد لا يعنيه الاقتصاد الوطني بشيء.. ولا ترفد خزينة الدولة إلا بمئات لا بعشرات الملايين من الليرات.
الكنز – عامر ياغي