في مثل هذه الأيام من عام 2016 تحررت تدمر من براثن الإرهاب، واستبشرنا خيراً بجرعة الأمل هذه، لاسيما وأن تدمر والبادية كانت تُشكّل ظهيراً قوياً لمركز الإرهاب الذي استوطن الغوطة الشرقية، واتخذ من مدينة دوما مقراً قيادياً خطيراً إلى جوار دمشق.
وفي مثل هذه الأيام تقريباً، عند أواسط نيسان من عام 2018 تمكن الجيش العربي السوري والقوات الحليفة من تحرير دوما وتخليصها من الإرهاب، وبعد فترة وجيزة أعيد افتتاح اتوستراد دمشق حمص من المدخل الشرقي للعاصمة حتى جسر بغداد في عدرا، والذي بقي مقطوعاً لسنوات، فقد كان هدفاً مستمراً للمجموعات الإرهابية المتمركزة في دوما وما حولها، بالقنص والقصف وما شاء لهم من التخريب.
وبتحرير دوما وعودة الأوتوستراد للعمل تلقينا جرعة أملٍ أكبر بأن الأمور تسير نحو انفراجاتٍ حقيقية، وكنّا نعتقد أن المؤسسات المدنية تكون مواكبةً بقوة، بل وبتعطش لهذه الإدارة العسكرية البارعة التي تفعل أكثر مما تقول، فلا بد للإدارة المدنية أن تحاول الاقتداء بهذا الجيش العظيم وتفعل الكثير بلا أي تردد، حتى وإن كانت ستقول ما تفعله، فالمهم أن تفعل بانهماكٍ وعزيمة لا تنقطع، إكراماً لبطولات من حرر الأرض والأماكن، ولكل ما بُذِلَ من جهودٍ ودماء وأرواح وصولاً إلى تلك النتائج الباهرة.
في بدايات التحرير كنا نسمع بالفعل ونرى ونراقب كيف أن الجهات الحكومية تعمل كخلايا النحل في إعادة البنى التحتية الأساسية للمدن والمجمعات السكانية التي تخلصت من الإرهاب، فكانت تعاد مؤسسات الدولة للعمل، والأفران والخطوط الكهربائية وشبكات الاتصالات وترميم المشافي والمراكز الصحية والمدارس، وما إلى ذلك، وبدأنا نعتقد أننا شيئاً فشيئاً لا بدّ وأن نصل إلى حالات خدمية مقبولة على الأقل إذا ما بقيت الهمم هكذا بمثل هذا الحماس.
مع الأسف سرعان ما تبدّلت الهمم وتغيّرت، وأخذت منحى المزيد من الخطوات ولكن إلى الوراء.
فبعد ست سنوات على تحرير تدمر، وأربع سنوات على تحرير دوما، وكذلك ما بينهما من تحرير حلب، كان من المفترض أن نكون اليوم قد أنجزنا الكثير من الأمور الخدمية والاقتصادية بإمكانياتنا المتاحة، التي تعبّر عن المواكبة المنطقية لمنجزات الجيش والقوى الحليفة، ولكننا بكلّ أسف نرى أننا في كلّ يوم تتردّى أوضاعنا أكثر فأكثر، وفي كلّ يوم تؤكد لنا الإدارات المعنية بخدمات المواطنين أنها ليست بالمستوى المطلوب، ليشكل تخلفها فراغاً محبطاً نتوه فيه مع غمرات المعاناة اليومية من قضايا مختلفة.
لا شك – مثلاً – أن هناك مصاعب كهربائية كبرى، وقد تعرّض هذا القطاع للكثير من التدمير، ولكن خلال ست سنوات .. وأربع سنوات .. وسنة وراء سنة .. كان من المفترض أن تكون الجهات الكهربائية قد وجدت حلاً بالحد الأدنى المعقول، أما أن تترك الأمور هكذا بالشكل الذي نعانيه يومياً فهذا دليل فشلٍ كبير في إدارة هذا الملف وطريقة التعاطي معه وليس مجرد مصاعب.
وكذلك الأمر بالنسبة لأزمة النقل والمواصلات الخانقة، فسنة وراء سنة ونحن نسمع أيضاً عن حلولٍ وشيكة، وأرّقوا رؤوسنا بتلك الـ 700 باص القادمة والمنقذة .. ولم تعد تعرف هذه الباصات أن تصل ..!
هذا كلّه غير الفشل في علاج التضخم وارتفاع الأسعار الذي مللنا الحديث عنه، وتدني الحالة المعيشية.
كيف يعمل المعنيون بمثل هذه الأمور؟! ولماذا يتحدثون ويبررون ..؟! لماذا لا يغيرون مناهج عملهم؟!.
على الملأ – علي محمود جديد