ربما كان أكثر المتعارف عليه وما يردده الجميع إن ما تشتهر به حلب في كلّ المنطقة العربية هو مطبخها الذي يتمتع بالتمييز والخصوصية إلى جانب أنها بلد الطرب والمواويل والقدود الحلبية الشهيرة ، إلا أن ذاكرة التاريخ تضيف اليوم بعد الحرب العدوانية على سورية الكثير وتتسع دائرة الحديث عن حلب التي لطالما تغنى بها الشعراء وكتب عنها الأدباء ووصفتها القصائد والروايات التي تحكي عن قلعتها الضخمة، وخاناتها القديمة البديعة وأسواقها المتخصصة وشعبها المثابر.
خلال جولة سريعة في حلب سرعان ما تستوقفك العديد من محطات التأمل التي ربما لم تكن متوقعة قياساً على ماكانت عليه أو حتى بالقياس مع ماهي عليه باقي المحافظات ، ومحطة التأمل الأولى هي أن حلب اليوم خالية من الأكشاك وشوارعها نظيفة من التناثر العشوائي للأكشاك التي غالباً ما تشوه ملامح المدن الجميلة ، والمحطة الثانية التي تستوقفك أيضاً هي أن حلب اليوم بلا حواجز وشوارعها كلّها مفتوحة ، لكن عندما تنتهي الجولة السريعة وتصل إلى مكتب محافظ حلب لتنقل له ذلك تجد نفسك أمام تأملات أوسع وأكثر لأنها تمتد إلى آليات ومنهجية العمل ، وتتعلق بنشوة حلب المنتصرة والإصرار على أن يكون النصر المضاعف هو أن تعود حلب أفضل مما كانت عليه لتثبت للعالم كلّه إرادة التحدي وتؤكد أن حلب تظل القصد وهي السبيل ، وخلال زيارتنا لحلب وكلّما تابعنا قصص نجاح لمسؤولين لهم بصمة تختلف عن غيرهم، نستذكر أن هناك من المسؤولين يهتمون بكلّ شيء ويعطون كلّ شيء حقّه، ويؤكدون أنهم على قدر المسؤولية المؤتمن عليها، وبالمقابل هناك من هو مشغول بترحيل المسؤوليات، ويفتقر لروح المبادرة وتبرير تقصيره بشماعة الظروف الصعبة ، تحية لحلب المنتصرة . ولأهلها ولكلّ البصمات التي تستوقفك قبل أن يتحدث عنها أصحابها.
الكنز -يونس خلف