الثورة – جهاد اصطيف:
يعود “سوق الزرب” داخل أروقة مدينة حلب القديمة، ليكتب فصلاً جديداً من تاريخه بعد سنوات من الدمار والصمت، ويُعتبر من أبرز الأسواق الأثرية في العالم، وركناً أصيلاً من هوية المدينة، ويقع على امتداد السوق المستقيم الواصل بين قلعة حلب وباب أنطاكية.
المهندسة غفران شريفة، مشرفة مشروع الترميم، أوضحت أن الأعمال انطلقت في شهر أيلول الماضي، ضمن خطّة تمتد لنحو أحد عشر شهراً، رهناً بطبيعة الاحتياجات الترميمية، تقول: “بدأنا بكشف الأساسات وإزالة المخالفات، بالإضافة إلى التخلص من الزريقة القديمة المتضررة لاستبدالها بزريقة أثرية مطابقة للمعايير، أما الأسقف فلا تزال في مرحلة بناء اللمعات الحجرية، وهي مرحلة دقيقة تتطلب الكثير من العمل قبل الوصول إلى ترميم السقوف نفسها، ويتابع فريق الترميم عمله وفق منهجية تحافظ على الأجزاء الأثرية الأصلية من دون المساس بها، تمهيداً للانتقال لاحقاً إلى إعادة تأهيل البنية التحتية من كهرباء ومياه وشبكات الهاتف والخدمات الأخرى”.
ومن قلب السوق، يتحدث محمود ميمو، صاحب أحد المحال العريقة، وقد غمره الحنين إلى تلك الأيام الصاخبة بالحياة: “السوق قديم جداً، ويعد واحد من 37 سوقاً مغلقاً اليوم، تقابله خانات كانت تنبض كلها بالعمل، في الشتاء كان يمنحنا السوق الدفء، وفي الصيف البرودة بفضل سماكة سقفه وطريقة بنائه الخالية من الإسمنت، فكله رمل يدوي، وهو أكبر سوق عالمي، وكان مزدحماً لدرجة يصعب فيها أن تجد خطوة تمشيها فيه”.
بينما تعود اليوم أدوات البناء إلى حيث كانت قديماً تطرق حجراً فوق حجر، يتطلع سكان حلب وزوارها إلى لحظة يعانق فيها السوق روحه القديمة مجدداً، ويستعيد ألقه الذي طالما ميزه، ففي كلّ قوس حجري ترمم، تنبض ذاكرة مدينة لا تنسى.
