قصة ليست صغيرة، أن يكون أحدنا مساهماً في مؤسسة مصرفية، أو في شركة تأمين أو في شركة نقل كبيرة، أو مساهماً في شركة إنتاج مواد غذائية، يعني بيحس حالو “واحدنا” متمولاً كبيراً في ظل ظرف مجتمع الحرب هذا، من خلال الشراكة في هذه الشركات الكبيرة..!!
لم تكن فكرة غريبة .. تلك التي رواها لي أحد المديرين التنفيذيين لشركة نقل ركاب وبضائع في سورية بالقول: إن صديقه الحموي لايقبل بأن يرسل له تنكة الجبنة إلا في الشركة الأهلية للنقل ودفع أجرتها في الشركة الحموية تلك رغم العرض المجاني له بأن يرسلها في الشركة نفسها التي يديرها المدير التنفيذي نفسه.
في إشارة واضحة – يعلن صاحب الرواية- إلى الانتماء الكبير الذي يبديه ويعلنه الحمويون للأهلية للنقل كشركة مساهمة عامة، تساهم فيها أغلب الأسر الحموية وتشكل مصدر رزق لهم على وجه التقريب. في مثال واقعي للعراقة.. وتراكم نظرة السوريين لاقتناء الأسهم.
اليوم.. نسمع ونتداول الأخبار بأن هذه الشركة المساهمة العامة وزعت أسهماً مجانية على الناس المساهمين فيها، ورفعت من خلال ذلك رأسمالها بهذه النسبة وهذه الحدود ، مقابل ذلك تعلن شركة مساهمة عن توزيع أرباح على مساهميها فيها بنسبة 100 % أو 200 % أو 300 %
وهذا يعني بأن هناك شريحة من صغار المساهمين لا تحصل على السيولة – وربما تكون لم تحصل عليها في حياتها- جراء مساهمتها في هذه الشركة العامة أوتلك.
في اجتماعات الهيئات العامة للشركات المساهمة، يضج ويتذمر المساهمون من عدم توزيع الأرباح. رغم ذلك يتم اتخاذ القرار بالتوزيع المجاني للأسهم وعدم توزيع الأرباح، لأن القرار للمساهمين الكبار.
سيقول قائل على الفور: إن بيع الأسهم متاح في سوق دمشق للأوراق المالية .. وثمن السهم آلاف الليرات السورية بدل من توزيع المئات من الأرباح على المساهمين. وهذا طرح حق لكن التقصير كبير من هيئة الأوراق المالية ومن سوق دمشق للأوراق المالية.
قصة بيع السهم في البورصة تحتاج إلى رحلة ثانية بإدراج الأسهم الجديدة في البورصة والانتساب إلى شركة وساطة مالية، ومن ثم البيع في السوق. وهذا يحتاج إلى الترويج والعمل عليه في هيئة الأوراق والبورصة.
من جهة أخرى إن عملية البيع قد تستغرق وقتاً طويلاً وربما لايتم البيع، وهذا يناقض الحاجة المباشرة للسيولة وفلسفة اقتناء السهم بالأساس، ولماذ لايكون التوزيع النقدي أو المجاني اختيارياً للمساهم وفق حاجته.
أيها الإخوة قصة الأسهم في سورية ليست من نتاج العولمة ومصطلحات العالم “التافه” الذي نعيشه اليوم، بل هي ثقافة سورية بالعمل والادخار أسس لها سوق البورصة في منطقة الحميدية بدمشق من أربعينيات القرن الماضي.
لذلك فالعدل والدور يفترض أن تأخذ هيئة الأوراق المالية دورها الغائب تماماً في نسب الصرف والممارسات الإجرائية التي تقوم في الشركات المساهمة السورية من قبل مجالس إدارات الشركات المساهمة ومؤسسيها على حساب صغار المساهمين الذين يعولون في حياتهم اليومية على هذه الشركات التي ساهموا فيها.
ناهيك عن بعض الشركات المساهمة التي فقد المساهمون حقهم فيها بالمطلق ولم يتقاضوا أي ربح منها جراء ميزانيات متخاذلة مع كبار المساهمين وأعضاء مجالس الإدارات في بعض الشركات المساهمة.
على الملأ -مرشد ملوك