انتهى الشتاء.. لكنها غير واثقة من أن سهرها مع لهب شمعة سينتهي أيضاً
الشمع..!
لا تتذكر متى كانت آخر مرة استعانت به للإضاءة .
مؤخراً كلّما أشعلتْ إحداها، وما أكثرها في الشتاء المنصرم، تذكّرت كتاب غاستون باشلار (لهب شمعة) المملوء بالتأمّلات، في إحداها يقول: “ليكن اللهب نسبة إلى الحلم، على الأقل، رمزاً للكائن المستغرق في صيرورته! فاللهب هو كائن- صيرورة، وصيرورة- كائن. هو أن تشعر بأنك لهب وحيد وكلي، لهب المأساة ذاتها لكائن- صيرورة، وأن تُستضاء وأن تتهدّم”..
غالباً.. جميعنا يشعر أنه لهب وحيد وكلي.. يحترق ليضيء.. ولهذا تدرك تماماً أنها ليست الوحيدة التي تحاول وتجتهد لتكون كائن- صيرورة وسط كل اللامعنى المحيط والمقيم..
فالظروف، التي لا تزال قائمة منذ عقد وأكثر، جعلت آخر وظائفها وأكثرها ديناميكية أن تتمعن في اللامعنى وتكتشف منه رمق معنى ما.
ليست مهمة سهلة على الإطلاق..
أن تقوم دائماً بانتشال جدوى من كل الفوضى الحاصلة.. وأن تخترع معنى لكل ما يبدو خالياً من المعنى.
لوهلة، اعتقدت أنها إحدى شخصيات بطلي فيلم “لا تنظروا للسماء”، عالم الفضاء وطالبته اللذين يتحدثان عن شيء لا أحد ممن هم حولهما يهتم لسماعه وفهمه..
بالنسبة لها، ليس عليها التحدّث عن أي شيء، إنما محاولة فهم أي شيء.. أي شيء من هذا اللامعنى واللاشيء مطلق الحضور في فضاء (الآن وهنا)..
والسؤال الزاحف أبداً إلى ذهنها:
كيف يمكن استخلاص معنى ما، في ظل غياب أي قدرة على إنجازه وتحقيقه..؟!
انتهى الشتاء، لكن صقيعه لم ينتهِ.. وجليد ثلوجه يغطي أطراف المدينة..
ويبدو أنه لا يحتاج كاسحات جليد، مقدار ما تحتاج العتمة السائدة لكاسحات تزيحها.. فيتم اكتساح اللامعنى أو تغييبه.
ومع حضور التضاد الظاهر ما بين ثلوج واضحة نهاراً، وعتمة سائدة ليلاً، تلمح إمكانية لقلب كل لامعنى إلى معنى.. فمن أضدادها تتوضّح وتتأتّى الأشياء..
ولتُعيد تأكيد، لمرة أخرى جديدة، أن أهم إنجاز نحصّله سنوات الأزمات والحروب هو أن نخرج منها أحياء.. أن نحافظ على سلامتنا ولو كانت بمعانيها العقلية والنفسية لا أكثر.
رؤية- لميس علي