الثورة – رنا بدري سلوم:
ما إن شعَّ زهر اللوز حتى انبسطت أساريرنا وتنفّسنا الصعداء، فلا وسيلة من وسائل التدفئة كانت متوفّرة عند البعض منّا، وهو ما بدا واضحاً في مشاهداتٍ، نزع فيها “المتفائلون” مواقد التدفئة لديهم وتنظيفها في يوم ربيعيّ مُشمس، تجدهم أمام منازلهم يرشّون عليها ماء “الفراق”، وكأنهم ينتظرون أن يهلّ شهر نيسان بفارغ الصبر لانتزاع مواقد لم يكن لها دور مهم في شتائهم القاسي، إن صح القول، فرغم مرارة حضوره، إلا أن فصل الشتاء المفضّل لدي، ولا يمكنني الجهر بذلك، “فالشتاء لا يليق بنا” جملة مرت على مسامعي مراراً وتكراراً في عام كان مضنياً للجميع دون استثناء، في ظل العقوبات الاقتصادية الخانقة التي نعيشها والتي سببها ربيعٌ زائف، انتشر كنعناعٍ بات سريع الذبول، ومع هذا وذاك، تفاءلنا خيراً حين رأينا ربيع يعود بالأمان والطمأنينة إلى ربوع سوريّتنا بعد أحد عشر عاماً من الموت والدمار والخراب، ربيع يوقظ آمالنا من ثباتها الشتويّ، ربيعٌ حقيقيّ نقول فيه إن هناك ما يستحق الفرح والبهاء فلننهض بالأمل ونبدأ عمليّة الإعمار والبناء، نشهد من خلاله عودة المهجّرين إلى بيوتهم، والضالّين إلى صوابهم، فينتصر فيه الحقّ على الباطل ليعمّ الربيع في كل بقعة من بقاع بلدنا الجميلة، ربيعٌ تورقٌ فيه نفوس البشر قبل الشجر، وبالعودة إلى مواقد التدفئة أتمنّى في هذا الفصل الربيعيّ وفي أيام مباركة ألا تضطر الأجيال القادمة إلى التحطيب وقطعِ الأشجار التي زرعناها اليوم، لتلبية متطلبات التدفِئة، كما فعلنا آسفون في قطعِ أشجار قد زرعها آباؤنا لنا، لننعم بالقليل القليل من الدفء.