الثورة -حمص – رفاه الدروبي:
أفلت شمس أيام أبي الفنون بمسرحية “نهاية اللعبة” قدَّمها فرع نقابة الفنانين حيث طرق باب المسرح البريطاني العبثي الصعب تأليف صموئيل بكيت – إعداد وإخراج جواد عكلا احتضنه مسرح قصر الثقافة بحمص.
يتناول مضمون الحكاية الحب بمقوِّماته الجميلة ويختصر المخرج العمل على شخصيتين أساسيتين الأول الأب يقوم بدوره أفرام دافيد ويعتبر من الممثلين القادرين على أداء شخصيات صعبة ومركَّبة يلازم كرسيه المتحرك لأنَّه مقعد يتبنى ولداً ويربيه ويؤدي الدور جواد عكلا نجل المسرحي الكبير حسن عكلا تربى وشرب من نبع الفن المسرحي ويدور الحوار بين الأب والابن وكل منهما يريد التخلي عن الآخر لكن في مكونات نفسيهما تعلقا ببعضهما وجمعهما حبٌّ كبير لا ينتهي.
بينما خلا العرض من الديكور واعتمد المخرج على وسائل السينوغرافية المرئية بعكس الألوان من الشاشة الخلفية للخشبة فأخرج جمهور الصالة من صعوبة الحالة النفسية السائدة إلى الإشراق والحبور. رافقت المشاهد موسيقا تعلو لتصبح صاخبة عند الشعور بقساوة المشهد فوظفها المخرج أحسن توظيف في ظل مؤثرات صوتية ملائمة.
ولم يغفل قبطان العمل عن استخدام الإضاءة فكانت بيضاء أثناء حوار الشخصيتين تتحول للأحمر أثناء الانفعالات والصراخ عندما يريد الولد ترك والده المتعهد برعايته وتبنَّاه ويعود للهدوء الداخلي عندما تتحرك مشاعره ويعرف الولد بخطئه فتتحول الإضاءة إلى الأخضر.
المخرج جواد عكلا أكَّد بأنَّ الحبّ حاجة جميلة الجوهر والقيم الإنسانية الداخلية يعبر عن المكنونات النفسية في عالم يقدِّم الحياة فيها شيئاً فشيئاً حتى تصبح أقرب إلى الإنسانية يعيش عزلته الغريبة العجيبة في عالم كئيب فالسعادة تنبع من الحبور جوهر الإنسان وفي العمق من مفاهيمها الجميلة وكل ما ينعكس على العالم بقسوته يكون عندما يصبح جوهر الحياة ويصبح كل شيء مزهراً وجميلاً مهما قست الظروف.
الممثل أفرام دافيد قال: إنَّه أدَّى دوراً من النوع الصعب والشخصيات المركَّبة وعالمها النفسي الفلسفي العميق ينزل إلى مكنونات النفس البشرية لدور معقَّد ويدعو نهاية المطاف إلى الإنسانية.
كما أشار المخرج حسن عكلا إلى أنَّ العروض في أيام المسرح العالمي في واسطة العقد كانت متقاربة من حيث المستويات والمناهج الفنية وكانت بالحد الأدنى تحمل طبيعة العرض المسرحي بكل عناصره واعتبر كل الأعمال المقدَّمة تعد بمستقبل لاستعادة الحركة المسرحيَّة ألقها في حمص وتؤكد نفسها وتتطور فكانت تجارب تستحق الاهتمام. لافتاً إلى اختلاف العرض الأخير عن بقية العروض لطرق باب العبث لصموئيل بكيت ويعتبر أبا المسرح العبثي والعمل قُدِمَ بفن المسرح ومشاهده تحمل كل الخصائص لكنَّ المخرج قام بإعداد النص بحيث ألغى شخصيتين أساسيتين والموضوع مسرح اللامعقول بإسلوب المعقول حيث نقل الأساليب الفنية الأخلاقية العميقة جداً من مركّبة معقدة طي النص وأصبحت عبر الوسائط الإنسانية الفنية المدروسة بعناية فائقة فمكَّن من إيصال غايات العرض للنص عبر مؤثرات موسيقية ممتازة ومدروسة منوّهاً أنَّه لأول مرَّة يظهرها بالصورة ذاتها وسط ضبط الإيقاع من حيث إمكانية أن يكون العرض أقوى بكثير.
أمَّا نقيب فناني فرع حمص أمين رومية فرأى أنَّ المسرح العبثي يمكن ألا يكون له مريدوه لكنَّه يميل إلى المسرح الكلاسيكي فشاهد عرضاً ينتمي له ووجهات النظر تميل إلى الحداثة لافتاً إلى أنَّ العروض تتضمن عدة مشاهد يمكن ألا يكون بينها رابط والممتع في الاحتفالية تنوُّع الاتجاهات المسرحية المقدَّمة والأفكار المطروحة فيها من المخرجين والممثلين.