لا أحد يعرف على وجه الحقيقة ما الذي يجري في سوق العقارات.. ولا أحد على وجه الدقة يستطيع وضع تصور ولو مبدئي عما يدور في كواليس السوق التي تتحكم بها مجموعة من المكاتب العقارية وسماسرة العقارات وفي كل المناطق، ولا يصح إلا ذلك.
سوق واسعة مهولة فيها من المشكلات وعمليات النصب والاحتيال أكثر مما فيها من العمليات الصحيحة القانونية، ولعل البداية من أصل المشكلة، إذ يحار المرء كيف لمكتب عقاري يكون صاحبه في الغالب الأعم حائزاً شهادة الابتدائية ومع ذلك ينظم عقود الإيجار المؤقتة وعقود الإيجار الدائمة إلى حين توثيقها في البلدية، ناهيك عن العقود المبدئية للبيع تمهيدا لإتمامها في الدوائر العقارية..!!.
كيف سطت هذه المكاتب على السوق العقارية في سورية وكيف باتت تحدد الأسعار وعلى مرأى ومسمع من وحدات الإدارة المحلية التي يفترض بها التحكم في سوق الإيجارات والبيع والشراء عبر البلديات، وحتى لا يقول قائل إن هذه المسألة خارج الاختصاص، يمكن مقاربة الأمر من وجهة نظر أخرى: كيف يمكن لوحدات الإدارة المحلية أن تتحمل آلاف المكاتب العقارية العاملة دون أدنى ترخيص ولا تدفع أدنى ضريبة اللهم باستثناء “ترابية” العقار الذي تعمل ضمنه في وقت تحصّل فيه عشرات الملايين سنويا إن لم يكن شهريا من عمليات البيع والإيجار التي “قررت” هذه المكاتب العقارية انها تتراوح بين 2,5% الى 10% من كل عملية حسب نوعها وارتفاع مبلغ العائد منها.
لعل تسليط الضوء الضريبي على هذه الفعاليات أجدى وأكثر ربحاً من تسليطه على عقد إيجار هنا ومحتاج لثمن بيته ولو تشرّد هناك، لضخامة العائد المحقق لها على شكل ربح صافٍ لا تشوبه شائبة لكون عملها لا يستلزم أي رأس مال وإنما فقط لسان نشيط يؤازره هاتف جوّال متصل بالإنترنت، ما يعني انتفاء احتمال الخسارة وبالتالي مهما تحقق من أرباح فهي أرباح صافية لا تحتمل اهتلاك ولا تغطية نفقات.
لعل التصويب أهم من الاطلاق بمراحل كون التصويب يحمل معه كل التأنّي لتنفيذ الضربة الصائبة بدلا من إطلاقات متعددة دون هدف واضح أو صوب أهداف تافهة قليلة القيمة.
الكنز- مازن جلال خيربك