معاً على الطريق .. بقلم أحمد ضوا:
تفرض الولايات المتحدة والدول الغربية المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا الاتحادية دون الأخذ بعين الاعتبار تأثيرها على التجارة الدولية وانسياب السلع الأساسية إلى المناطق التي تعاني من نقص كبير في المواد الغذائية والصحية.
تلعب واشنطن الدور الأكبر في دفع الدول الأوروبية إلى فرض المزيد من حزم العقوبات على موسكو على الرغم من تضرر مواطنيها وهذا ما يتوقع أن تصل موجاته إلى الدول التي كانت تتدفق إليها السلع الروسية والأوكرانية وخاصة الحبوب بدأ التنافس الدولي على شراء القمح ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعاره العالمية.
الضغوط الأميركية لا تنحصر على القارة العجوز وامتدت لتشمل دولاً كثيرة وما شهدته جلسة مجلس حقوق الإنسان الأخيرة التي أفضت إلى تعليق عضوية روسيا من ضغوط غربية أميركية وصلت إلى حد تهديد الوفد الأميركي لبعض الدول بقطع المساعدات الأميركية عنها كخطوة أولى وهذا دليل على الترهيب الأميركي المغلف بمزاعم الديمقراطية والحرية التي حولتها واشنطن إلى قفص حديدي للدول الخاضعة لها عند الحاجة إلى صوتها أو دورها في الأمم المتحدة والصراعات الدولية.
إن الحد من تأثير العقوبات الغربية الأميركية على روسيا الاتحادية لا يكون بالانصياع إلى الضغوط الأميركية وبيع كرامة الشعوب واستقلال الدول بحفنة من المال المنهوب من خيرات الدول بل برفض هذه الضغوط والسعي الديبلوماسي والسياسي لحل الأزمة الأوكرانية مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح وهواجس الدولتين والاتفاقيات والتفاهمات السابقة بين موسكو والناتو.
من الملاحظ أن حسابات واشنطن الاستراتيجية بالنسبة للأزمة الأوكرانية والعلاقات مع روسيا تتعارض في الكثير من الجوانب مع استراتيجية الاتحاد الأوروبي ولكن استطاعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إخضاع دول القارة العجوز من الأيام الأولى للعملية العسكرية الروسية لحماية سكان دونباس وأمن روسيا القومي بحجة إيقاف العملية الروسية وتعكس المواقف المتباينة للعديد من الدول الأوروبية حول فرض العقوبات مدى الاختلاف حول معالجة هذه الأزمة.
كذلك الأمر تتزايد الشكوك لدى العديد من دول الاتحاد الأوروبي بوعود واشنطن حول تأمين بدائل للسلع الروسية وخاصة في قطاع الطاقة وخطورة ذلك على استقلالها وسيادتها حيث سيؤدي ذلك إلى إحكام واشنطن قبضتها وسيطرتها على القرار الأوروبي.
بدأت ترتفع أصوات الخبراء على المستوى العالمي من خطورة العقوبات الاقتصادية الغربية الأميركية واحتمال أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار وانتشار الفقر والجوع في أفريقيا وفي حال إطالة أمد الأزمة كما تخطط الولايات المتحدة وبعض حلفائها الأوروبيين فإن تمدد حالة عدم الاستقرار قد تطال مناطق واسعة في العالم ولن تسلم منها عواصم القارة العجوز حيث تشهد بعضها مظاهرات ضد اللحاق الغربي بالسياسة الأميركية على حساب المواطنين الأوروبيين الذين تأثروا بشكل مباشر وكبير بالتدابير الاقتصادية الأحادية الجانب ضد روسيا.
من الواضح أن الولايات المتحدة لن تمد يدها إلى الدول المتأثرة بعقوباتها الاقتصادية على الشعب الروسي والوعود الأميركية في هذا الاتجاه غير قابلة للتحقق بالنظر إلى التأثير الواسع لأثر هذه العقوبات الأمر الذي من شأنه في مراحل لاحقة سيؤدي إلى تمرد العديد من الدول على الضغوط الأميركية وبالتالي فقدان الولايات المتحدة لهيمنتها العالمية.
إن الأزمة الأوكرانية التي تسبب بنشوبها حلف الناتو وخضوع الحكومة الأوكرانية لإرادة الولايات المتحدة تضع العالم أمام مفترق طرق فيما يتعلق بالتجارة الدولية التي نسفت أسسها واشنطن والعواصم الغربية من الأيام الأولى لهذه الأزمة بدلا من العمل لحلها بالتفاهم مع روسيا والتخلي عن تهديد أمنها القومي.