قبل ستة وسبعين عاماً، عادت سورية حرة أبية، بعد أن أذلت المحتل الفرنسي، وأرغمته على الخروج صاغراً يجر أذيال الهزيمة والخيبة، واليوم يعيد السوريون كتابة التاريخ مجدداً، ويخوضون معركة الشرف والكرامة ضد المستعمرين بلبوسهم الجديد، المتمثلين بصناع الإرهاب وداعميه تحت القيادة الأميركية.
وبين تضحيات أبطال الاستقلال وملاحمهم الأسطورية في مقارعة المحتل الفرنسي، وبطولات وتضحيات رجال الجيش العربي السوري في معارك التحرير ضد التنظيمات الإرهابية وداعميها في الغرب الاستعماري، تأتي ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي عن أرض سورية الطاهرة، لتؤكد تمسك الشعب السوري بخيار المقاومة للدفاع عن وطنه وأرضه، وإصراره على دحر مؤامرات الأعداء ومخططاتهم الاستعمارية مهما تبدلت أشكالهم وتغيرت أدواتهم وتلونت شعاراتهم.
الجلاء كان ثمرة نضال خاضه الشعب السوري على مدار أكثر من 25 عاماً في مقارعة المحتل الفرنسي حتى أرغموه على الخروج صاغرا يجر أذيال الهزيمة، فجلاء هذا المستعمِر كان نتيجة حتمية لخيار المقاومة منذ أن حاول هذا المستعمِر فرض شروطه على سورية عبر ما سمي إنذار غورو في الـ 14 من تموز عام 1920 والذي حمل مطالب لا يمكن القبول بها، بينها تسريح الجيش وقبول الانتداب الفرنسي دون شروط، فتصدى له أبناء شعبنا بما يملكونه من إيمان وعزيمة واستشهد العديد منهم في معركة غير متكافئة، والتاريخ لا يزال يستحضر معركة ميسلون المحفورة في الذاكرة وبسالة قائدها وشهيدها وزير الحربية آنذاك يوسف العظمة وبقية أبطالها وشهدائها كعلامة مضيئة في تاريخ سورية والعرب أجمعين، فهي تختصر أسمى معاني التضحية والدفاع عن عزة الوطن وكرامة أهله، وأثبتت أن السوريين لا يمكن أن يقبلوا الذل ولو كانت حياتهم الثمن لذلك.
الوحدة الوطنية التي لازمت السوريين طوال تاريخ وجودهم، هي التي حققت نصر الجلاء من قبل، وستنجز النصر النهائي على الإرهاب اليوم.. ورجالات ثورة الجلاء والاستقلال الأوائل كسلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو وأحمد مريود وصالح العلي ومحمد الأشمر وغيرهم، سيبقون في ذاكرتنا مشاعل نور تضيء الطريق للأجيال القادمة.
الشعب السوري حقق الاستقلال بصموده ونضاله ووحدته الوطنية الراسخة، وهو يواصل اليوم مسيرته النضالية، ملتفاً حول قيادته وجيشه الباسل في مهمته الوطنية والقومية لملاحقة الإرهابيين، وطرد الغزاة المعتدين عن أرضه، ويسعى لتحقيق المصالحة الوطنية الكبرى، واستكمال مسيرة الاستقلال حتى تحرير كل بقعة في سورية من رجس التنظيمات الإرهابية، ورعاتهم الأميركيين والعثمانيين والفرنسيين والبريطانيين والصهاينة، وإسقاط مشروعهم الاستعماري الجديد، وهو سيستكمل مسيرته النضالية أيضاً حتى تحرير آخر شبر من الأرض العربية المحتلة في فلسطين ولبنان.
التالي