الثورة _ رويدة سليمان:
عندما يرتبك القلم ويحتار التفكير من أين يبدأ تعرف أنك أمام حدث تاريخي جلل ،كيف لا وهو جلاء المحتل عن أرض الوطن ،فرحة الانتصار والاعتزاز بالتضحيات التي قدمهاالشعب السوري.
السابع عشر من نيسان عام ستة وأربعون وتسعمئة وألف ،يوم خالد في عقول وقلوب السوريين ،أنشأ الكتاب مقالهم فيه ورفع له المفكرون والمحللون تلالاً من الكتب وأنشأ الشعراء فيه القصائد واستلهم الرسامون من تضحيات الأبطال واستبسالهم مادة لريشتهم، وكدٌا النحاتون في معالجة الصخور ليثبتوا فيها ملامح الأبطال الشجعان.
في ذكرى الجلاء يتألق الصمود والعنفوان والشجاعة ويفوح عطر الشهادة، فالحديث عن يوم الجلاء يعني الحديث عن البطولة والصمود في أروع صورهما ،وقد تجلت في ميسلون وفي هذا السياق يقول ساطع الحصري في كتابه “معركة ميسلون “ويسألون يوسف العظمة كيف تقاتل الفرنسيين وأنت تعلم أنك لن تنتصر عليهم ؟ويجيب بتصميم المقاتل :”أن تقاتل وتخسر المعركة خير من أن تسلم بلادنا وبدون قتال ،تسليم البلاد لهم يعني شرعية وجودهم فيها أما مقاتلتهم يعني أن البلاد لنا ولن نسكت على وجودهم فيها ويعني، أن بلادنا لن
تركع “وكان ماكان من حكايات البطولة والصمود في ساحات القتال حتى تحقق الجلاء،واستمرت معارك البطولة في ساحات العلم والعمل ..في البناء والتحديث ،وشكلت الحركة التصحيحية حدثاً تاريخياً على صعيد بناء سورية الحديثة وهنا لايتسع المجال لسرد الإنجازات على كل الصعد ،حيث ازدانت وازدهرت بلادنا بالتقدم والعمران واستعادت زهوها التاريخي .
ويستمر الماضي البطولي في الحاضر ،حيث أثبت السوريون فيه تماسكاً وصموداً منقطع النظير في تصديه للعدوان الإرهابي،وسطر أبطال جيشنا العربي السوري بدمائهم أروع ملاحم البطولة والفداء في محاربتهم للإرهاب نيابة عن العالم أجمع ،ومازالت معارك البطولة مستمرة.
ولعل المعركة الحقيقيةاليوم هي في تجاوز آثار حصار اقتصادي جائر ورغم المعاناة الاقتصادية التي طالتنا دون استثناء،المطلوب منا إخراج أفضل مالدينا من إخلاص، وتفان، ومحبة، وتراحم وتكافل، وتسامح وعطاء، تحت راية النجاة، راية حب الوطن .