إضاءات – بقلم عبد الرحيم أحمد:
“تايوان ليست أوكرانيا” بهذه العبارة يرد المسؤولون الصينيون على التصريحات والتحليلات الغربية التي تتوقع أن تستغل بكين الحرب الغربية- الروسية في أوكرانيا لضم جزيرة تايوان إلى الوطن الأم وتؤكد بكين أن قضية تايوان شأن داخلي صيني وهي جزء لا يتجزأ من البر الرئيسي وليست دولة مستقلة على غرار أوكرانيا.
تاريخياً لم تكن تايوان في يوم من الأيام دولة مستقلة عن الصين، لكن الولايات المتحدة التي تعمل على تأجيج الصراع بين الدول وإثارة النزاعات الداخلية، تحاول إثارة قضية الجزيرة من جديد واستخدامها أداة ضغط على الصين لتغيير موقفها من الحرب في أوكرانيا ودفعها إلى الانضمام للحلف الغربي في العقوبات ضد موسكو نظراً للثقل السياسي والاقتصادي الذي تمثله الصين في العالم وإدراكاً من واشنطن أن دعم بكين لموسكو يعطل كل مخططاتها.
في اتصال بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والأمريكي جو بايدن في 18 آذار الماضي أعلن بايدن أن واشنطن “لا تدعم ما يسمى “استقلال تايوان” وهي ملتزمة بسياسة “صين واحدة” في محاولة لاستمالة العملاق الاقتصادي أو على الأقل ضمان حياده في الحرب الغربية-الروسية في أوكرانيا، لكن الوقائع على الأرض تثبت عكس ذلك، فالصفقات العسكرية الأمريكية مع تايوان موجهه لتعزيز النزعات الانفصالية للجزيرة واستخدامها إلى جانب تحالف (أوكوس) مع أستراليا وبريطانيا لمحاصرة بكين سياسياً واقتصادياً، الأمر الذي تنظر إليه القيادة الصينية على أنه مدمّر للأمن والاستقرار في شرق آسيا وللعلاقات الصينية- الأمريكية.
لقد تم إبعاد الصين عن مقعدها في الأمم المتحدة عام 1949 بتحالف القوى الغربية آنذاك بقيادة واشنطن ومنحه إلى تايوان حتى عام 1971 عندما اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 2758 باستعادة بكين مقعدها في مجلس الأمن وإعادة كافة الحقوق المشروعة لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة والاعتراف بممثل حكومتها باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للصين في المنظمة الدولية، وطرد ممثل تايوان في إشارة واضحة إلى أن من يمثل الصين بما فيها إقليم تايوان هو جمهورية الصين الشعبية.
ومنذ ذلك الحين تواصل الولايات المتحدة التي وقفت ضد القرار آنذاك، دعم النزعات الانفصالية للجزيرة في مخالفة صريحة للقرار المذكور وللبيانات المشتركة الثلاثة التي تم إصدارها من قبل واشنطن وبكين بعد عام 1971 والتي تنظم العلاقات السياسية بين الدولتين والتزام واشنطن بسياسة “صين واحدة”، وبكين تدرك جيداً أنه لايمكن الوثوق بالولايات المتحدة، وهي تعلم يقيناً أنه في حال انتصر المحور الغربي على روسيا ستكون الحرب القادمة عليها.
التحركات الاستفزازية من جانب الولايات المتحدة الداعمة للنزعات الانفصالية للسلطة في تايوان لن تغير واقع الجزيرة بحسب القيادة الصينية التي تعهدت التصدي بحزم لأي استفزاز يقوض المصالح الجوهرية للصين ويزعزع استقرار مضيق تايوان مشددة على ضرورة حل المسائل الدولية، بما فيها الحرب في أوكرانيا، عبر الحوار والالتزام بسيادة الدول والاحترام المتبادل بما يضمن أمن الدول جميعاً ويسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية لشعوب العالم أجمع، بعيداً عن عقلية الحرب الباردة والتكتلات.
ويشكل مبدأ “صين واحدة” ركيزة أساسية في علاقات الصين مع الدول الأخرى حيث تحترم أغلبية دول العالم هذا المبدأ وخصوصاً أن بكين تؤكد على أن حل المسألة التايوانية ينبغي أن يتم بإرادة الشعب الصيني مجتمعاً والذي يصل تعداده إلى مليار و400 مليون شخص ولا يمكن أن يحدده 23 مليون شخص في إقليم تايوان.
وتؤكد بكين أنه ينبغي ألا يقلل أحد من قوة الشعب الصيني وقدرته على حماية سيادته الوطنية ووحدة وسلامة أراضيه، وأنه لا يمكن لأي قوة في العالم الوقوف في طريق إعادة توحيد الصين والاتهامات الغربية لها بشأن الحرب في أوكرانيا لن تجعلها تغير موقفها منها، تقول بكين، وعلى الدول التي أشعلت الحرب أن تتوقف عن إذكائها.