أن تشتري بطارية حاسوب بتسعين ألف ليرة .. رعب يجعلك تتفقدها دائماً وكلما كشفت عليها خسرت من شحنها ولو قليلاً .. وهي أيام الشحن .. ؟؟
في زمن مضى عشت أنا فيه، كانت التسعون ألف ليرة تكفي لشراء كل عناصر القرطاسية لكل التلاميذ في تسع محافظات ويزيد منها .. وفي زمن يعيش أولادي وأحفادي فيه ..لا تكفي لعباً لدلوع من أسرة ميسورة الحال .. !! على كل حال لا معنى لهذه المقاربات والمقارنات .. فلم تكن اللعب من تراث حياتنا عندما كنا تلاميذ صغاراً .. معظمها كنا نصنعه نحن وغالباً من الورق .. اليوم حتى الجرائد فقدت الورق .. جرائد بلا ورق ..!!
هذه وحدها كافية لشحن الروح بالغضب الصامت دون حاجة لشاحن ..وبما يكفي لمصابيح إنارة حقيقية وليست “ليدات” ..
سؤال اقتصادي بيئي يحيرني يقول:
إن صحت عزائم أهل الكهرباء في بلدنا .. وصحت نياتهم قبل عزائمهم ..ونظفت أيديهم وأرواحهم .. وامتلأت الدنيا نوراً كهربياً يكفي للاستجابة للطالب .. الطالب بمعنى من يطلب وليس بمعنى طلاب المدارس والجامعات .. أين سنذهب بمهتلكات ما أحضرناه … هربناه أو استوردناه .. من اختراعات بدائل تزويدنا بالكهرباء النظامية الفعلية .. هذه المهتلكات والمخلفات تشكل تلوثاً بيئياً .. ابتداء من مصباح يد صغير .. وانتهاء بلوحات الطاقة الشمسية وما يلزم من بطاريات وشواحن.. ونعود لمسألة الشحن ..
هذا زمن الشحن ورغم أن الإنسان .. المواطن .. يدفع كثيراً على البطاريات والشواحن . .. فالحقيقة أن الشحن عندنا منخفض الكلفة عالي المردود ..!! مجرد مرور بالأسواق .. وقراءة بوجوه الخلق قبل قراءة التسعيرة التي انعدم وجودها .. كافٍ ليشحنك بملايين الكيلوات الساعية .. أو غير ذلك من وحدات القياس الكهربائية .. من غير أن تطلب أو تتكلم .. فكيف إن فكرت بالشراء ..عندها ستتحول أنت إلى شاحن تشحن من حواليك من غير قصد !! .. ولاسيما أنك قبل أن تنزل من بيتك تلقيت ولا ريب ما يلزمك من شحن يمنعك من النوم دون أن يجنبك الحوادث ..
الشحن قديم .. بكل أشكاله قديم .. قبل السيارات والطائرات الشاحنة … وقبل الإذاعات والتلفزيونات وكل وسائل الاتصال التي لا عمل لها إلا المزيد من الشحن .. فترى الناس سكارى وما هم بسكارى .. لكنها وسائط الاتصالات .. ويسمونها “الاجتماعية” !!!
ألم تولد الصراعات والحروب مع الإنسان وتشكل المجموعات البشرية .. هل حصل ذلك بمعزل عن الشحن .. ؟
أذكركم اليوم بعائدٍ إلى الحياة يعمل على الشحن وزيت الكاز .. يسمونه وابور الكاز .. ولم يعد يعمل على الكاز بل يبحث عن المازوت مع خلطة بنزين .. ورغم غلاء طلبه من المازوت والبنزين .. يبقى الحصول عليه أسهل بقليل من جرة الغاز ..
عندما كنت طفلاً كان عندنا وابور كاز .. لكن معظم الأهالي كانوا يوقدون حطباً هرباً من كلفة إشعال وابور الكاز .. لكن الحطب اليوم .. يرفض الاستسلام لنا..
As.abboud@gmail.com
معاً على الطريق- أسعد عبود