الثورة – هفاف ميهوب:
من يتابع الصحف التي تصدر يومياً، يجد في كلّ عددٍ من أعدادها، مقالاً أو أكثر حول السينما والمسرح، ومعارض الفنّ التشكيلي التي تقام بشكلٍ دائم في المراكز الثقافية، وغالباً ما يتمّ تناول كلّ لوحة من لوحاتها، ونوعية المدرسة التي تنتمي إليها، كوضوح أو غموض ما تجسّده في مضمونها..
يجد أيضاً، أخباراً وتقارير تستعرض آخر الإصدارات الأدبية، وسواء التي تتعلّق بالرواية أو القصة أو الشعر، أو غير ذلك مما ينتمي إلى فنون الكتابة الإبداعية..
ليس هذا فقط، بل هناك أيضاً، المقالات والحوارات الفنيّة، والاستطلاعات التي تهتم بالأعمال الدرامية، وتبيّن براعة الفنان أو فشله في تجسيد دوره، مثلما المواضيع التي يتناولها العمل الذي يشارك فيه، وسواء أكانت واقعية من صلبِ الحياة والمجتمع، أم بعيدة كلّ البعد عن معاناة الناس وحكاياهم، واحتياجاتهم الحقيقية..
من يتابع كلّ هذا، عليه أن يدرك، بأنه ومثلما من واجب الصحف، تسليط الضوء على هذه الفنون، والإشارة إلى أهميّتها وإلى سلبياتها وإيجابياتها، من واجبه أيضاً، أن يكون العين الثاقبة والدالة على مكمن الخلل فيها، مثلما على مكمن الإبداع الذي يجعلها جميعها وبحقّ، فنوناً ليست فقط لإمتاعه وتسليته، وإنما أيضاً للارتقاء بحياته وذوقه وأفعاله ورؤاه وإنسانيته..
هذا مايراد من المتابع، فيا ترى ما الذي يُراد من الكاتب، الشاعر، الموسيقي، والفنان الحاضر في كلّ ما ذكرناه أو لم نذكره، من الفنون الإنسانية؟..
سؤالٌ، وإن كان هناك الكثير من الأجوبة التي تصلح للردّ عليه، إلا أن بالإمكان إيجازها جميعها بقول الشاعر والرسام الفنان “جبران خليل جبران”:
“الفلسفة والآداب والفنون، إن هي إلا أبجدية التساؤل، نتعلمها طول العمر، إذ لا مكان في خريطة التقدم المعاصر لأي أمّة، دون فنٍّ ودون آداب، ودون فلسفة”..