عندما تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية أنها ستستمر في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، وستواصل الضغط الاقتصادي على روسيا، وعندما تقول وزارة الحرب الأمريكية هكذا وبالفم الملآن: إنها سلمت 14طائرة مساعدات عسكرية لنظام كييف في يوم واحد فقط، بل وعندما يقر البيت الأبيض بأن نظام بلاده أرسل أكثر من 5500 صاروخ جافلين إلى أوكرانيا، لدعمها فيما سماه معركتها من أجل الحرية، وعندما تتسابق ماكينات الإعلام الغربي المسيسة والمضللة لنقل روايات مفبركة عن مجازر ومقابر جماعية، وتحمل موسكو زوراً وبهتاناً مسؤولية ارتكابها، وذلك طبعاً امتثالاً لأوامر الكاوبوي الأمريكي، وتنفيذاً لمشيئته، فما الذي يمكن أن نستخلصه إذاً من ذلك كله؟!.
ألم يمل نظام الإرهاب الأميركي من الرقص على حبال الإفك والبلطجة ذاتها، بل لعل السؤال الأهم: ألم يكتفِ المجرم الأمريكي حقاً بما تمت إراقته من دماء ما كانت لتسفك أصلاً لو لم يكن إراقة الدماء، وشن الحروب، وفرض العقوبات، وحصار الأبرياء، ومساومتهم، وابتزازهم بلقمة عيشهم هي ديدن السياسة الأمريكية، وعقيدتها الوجودية التي لا يمكن أن تحيد عنها أبداً؟.
اللافت هنا أن الأمريكي يعترف بأنه يسلح نظام كييف، ويمده بكل مستلزمات بقائه على قيد الاستثمار العدواني، ولا مانع لديه بأن يزود نظام النازيين الجدد بآلاف الصواريخ، وآلاف الأسلحة الفتاكة، ولا حرج على الإطلاق، ولا أدنى خجل لديه من أن يقلب الحقائق، ويزعم بأنه يدعم كييف في معركتها من أجل ما سماه الحرية، والحرية -هنا حسب مفهومه وخيالاته- هي حرية الإرهابي في ارتكاب ما شاء من جرائم، ومجازر إبادة جماعية، والتملص منها، وإلصاقها بالخصوم.
كم غريب حال الأميركي، لكن غاب عنه أن كل أجنداته العدوانية باتت مفضوحة على الملأ، وأنه مهما حاول أن يغطي وجهه الملطخ بدماء الأبرياء ببراقع الحرية والديمقراطية، فإن ذلك لن يجدي نفعاً، ولن يغير من حقيقة البلطجة الأمريكية، ولهاثها المسعور للمساس بحرية واستقلال الدول السيادية.
كل المساعي الأميركية التصعيدية الهدامة للنيل من روسيا، أو التقليل من شأنها، لن تنال من هيبة موسكو، ولن تحرفها عن مسارها السيادي، فزمن القطبية الأحادية ولّى، ليكتب التاريخ أن الروس مرغوا أنوف الأمريكيين، وأصابوا مخططاتهم الاستعمارية التوسعية في مقتل.