واشنطن.. يد الشيطان

الولايات المتحدة غاضبة من الاتفاق الأمني بين الصين وجزر سليمان في المحيط الهادئ، لماذا؟ ما الذي يستفز واشنطن من اتفاق بين بكين والجزر التي تبعد آلاف الأميال عن البر الأمريكي؟ ولماذا يحق لواشنطن أن تنزعج من الاتفاق وتعمل على عرقلته أو إلغائه؟ كيف يحق لها عقد اتفاقيات أمنية وصفقات عسكرية مع جزيرة تايوان الصينية على بعد بضعة أميال من البر الصيني ولا يحق لبكين الأمر نفسه مع كوبا مثلاً أو المكسيك وجزر سليمان؟

تتصرف واشنطن وكأنها لا تزال على أعتاب انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 عندما تفردت بالسيطرة على العالم وفرضت مصالحها وسياساتها بقوة السلاح والاقتصاد، لكن الوضع مختلف اليوم، والعالم يتحول إلى تعددي الأقطاب، فروسيا استعادت أمجاد الاتحاد السوفييتي والصين أصبحت القوة الاقتصادية الأولى في العالم، وهناك دول ناشئة كالهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وإيران، ولم يعد العالم أمريكياً كما كان.

العالم اليوم يتجه نحو التعددية القطبية للقوى الفاعلة والمؤثرة في رسم السياسات الدولية وفي الحد من تطرف الهيمنة الأمريكية. وحدها “القارة العجوز” كما وصفها دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق، مازالت تساق من قبل واشنطن إلى حتفها من دون أن ترفض أو تتذمر، لكن ما يجري اليوم في أوكرانيا ربما يكون بداية لتمرد بعض الدول الأوروبية التي ترى أنها تقاد إلى المقصلة خدمة للمصالح الأمريكية.

فتش عن واشنطن، اليوم وليس في غابر الأيام، ستجدها سبباً للأزمات كلها، في العراق وأفغانستان وفي باكستان وكوريا الشمالية وفي السودان ولبنان وفنزويلا وجزر سليمان وفي الصحراء الغربية والصومال وفلسطين، وفي الخليج العربي وسورية وأوكرانيا وتايوان، فتش عن أحلافها العسكرية والأمنية المعلنة منها والمخفية في أرجاء العالم لترى كيف تحيك المؤامرات والمخططات التخريبية ضد العديد من دول العالم.

ألا يحق لجزر سليمان وهي مجموعة جزر صغيرة في المحيط الهادئ أن تبحث عن مصالحها الاقتصادية والأمنية مع أي دولة في العالم؟ الاتفاقية التي وقعتها مع الصين منتصف شهر آذار تهدف إلى تحسين الوضع الأمني للجزر ومنح بكين خدمات لوجستية، وأكدت الصين أن الاتفاق لا يستهدف أي طرف ثالث، ولا يتعارض مع آليات التعاون الأمني الثنائية أو المتعددة الأطراف الحالية لجزر سليمان”، لكن واشنطن أعربت عن قلقها وهددت باستخدام القوة ضد جزر سليمان إذا سمحت للصين بإنشاء قاعدة عسكرية فيها، معتبرة أنها تفرض “تداعيات أمنية إقليمية محتملة” على الولايات المتحدة.

التصويب والضغط الأمريكي على الصين ليس جديداً وعمره من عمر الحرب العالمية الثانية، لكن اليوم ومع ازدياد قوة الصين تخشى واشنطن فقدان السيطرة والهيمنة في شرق وجنوب آسيا، فتراها تعقد الأحلاف العسكرية فيها (حلف أوكوس مع استراليا) وتوجه الاتهامات لبكين في مجال حقوق الإنسان ودعم العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وغير ذلك من الاتهامات الباطلة.

كلام “في الصميم” صدر عن الخارجية الصينية في ردها على الاتهامات الأمريكية عندما دعت واشنطن للنظر في المرآة قبل أن توجه اتهاماتها لأي دولة.. لأن واشنطن لو نظرت في المرآة الحقيقية مرة واحدة لتوقفت عن توجيه الاتهامات لغيرها .. والدعوة التي قالتها الخارجية الصينية هي لسان حال معظم دول العالم الذين تحاضر عليهم واشنطن بالأخلاق والسيادة وحقوق الإنسان والقانون الدولي.

عندما أطلقت الصين “مبادرة الحزام والطريق” للتنمية والتعاون عام 2013، قلقت واشنطن وأعلنت ضرورة إيجاد مشروع غربي مناهض لتفشيل المشروع الصيني، فمشاريع واشنطن من نوع “الفوضى الخلاقة” و”دعم الإرهاب” فهي لا تريد أن ترى شعوب العالم ودوله تتعاون للتنمية والاستقلالية والشراكة، ولأنه مشروع يناقض سياسة الهيمنة والسيطرة الأمريكية وهو كفيل بالقضاء عليها في المستقبل.

تحدث منظرو السياسة الأمريكيين عن نهاية التاريخ مع انهيار الاتحاد السوفييتي، ولكن مع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ومع تطور قدرات الصين الاقتصادية والعسكرية، يمكن لنا اليوم أن نقول: إنها بداية التاريخ الجديد للعالم ونهاية السطوة والهيمنة الأمريكية مع قطع يد الشيطان.

آخر الأخبار
دروز جبل السماق بين الحياد التاريخي ورفض الانفصال.. موقف وطني في وجه التدخلات الخارجية تحسينات خدمية في معرة النعمان لتسهيل عودة الأهالي وتخفيف معاناتهم معرض دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد.. دلالات اقتصادية وسياسية لعودة النشاط الذكاء الاصطناعي في التعليم بين إمكانيات التحوُّل وتحديات الأخلاق بين الواقع والافتراض.. حين تُضللنا وسائل التواصل عن صورة شعبنا الحقيقي حفر الآبار الارتوازية في سوريا.. تهديد صامت للأمن المائي والبيئي   الاتحاد الأوروبي يدعو إلى الإسراع في تنفيذ توصيات تقرير لجنة التحقيق الدولية بأحداث الساحل جاد أحمد.. رحلة من التفوق في الأولمبياد العلمي العالمي مخزون مياه طرطوس دخل مرحلة الخطر.. خطط لمواجهة الجفاف وزيادة مشاريع حصاد المياه مزارعو القطن يقرعون جرس الإنذار.. والصناعيون يدقون ناقوس الخطر  تراجع كميات الأقطان والواقع يحتا... الرئيس الشرع: المجتمع السوري يرفض التقسيم ويواجه تحديات بناء الدولة   الرئيس الشرع والبطريرك يازجي ..وحدة السوريين صمام الأمان أمام محاولات التقسيم والتفكيك  "العدل" : عدم فك احتباس الحفارات التي تقوم بحفر آبار  بدون ترخيص   الشيباني مع المحافظين : الاستفادة من الدعم الدولي بما يخدم الأولويات المحلية   الرئيس الشرع يستقبل البطريرك يوحنا العاشر يازجي وتأكيد على الدور الوطني        انفجار المزة ناجم عن عبوة ناسفة مزروعة بداخل سيارة مركونة  المجتمع الأهلي يجهز بئر مياه كويا بدرعا  تحديات بالجملة أمام عودة أكثر من 2,3 مليون سوري عادوا لديارهم  ارتفاع الدولار وحرائق الساحل تنعكس على الأسعار في الأسواق  ريادة الأعمال في قلب التغيير.. النساء دعامة المجتمع